محمد بن عبدالله آل شملان
نتشارك الحزن والأسى مع إخوتنا آل هدران برحيل رئيس كتابة العدل في محافظة وادي الدواسر سابقاً فضيلة الشيخ محمد بن مفرج آل هدران الدوسري، الذي انتقل إلى جوار ربه صباح يوم الجمعة، بعد مسيرة حسنة مليئة ومزدانة بالإخلاص في العمل وطلب العلم النافع والفقه في الدين والنفع المجتمعي.
الألم ارتسمت ملامحه على جميع الوجوه، واللوعة اعتصرت جميع القلوب، وجميع بيوت وادي الدواسر فجعت برحيل فضيلة الشيخ محمد بن مفرج آل هدران الدوسري، الذي كان فرداً صالحاً عزيزاً، يعبر بكل صدق عن وحدة الهدف والخدمة بالعمل والإنجاز في دائرة كتابة العدل لكل المراجعين.
وأثناء الصلاة عليه في جامع مبارك آل عريمه أو أثناء دفنه في مقبرة اللدام أو في مجلس العزاء اختلطت دموع أصدقائه وزملائه في العمل مع حشرجات الأسى داخل صدورهم، فهم لهم مواقف مع الشيخ محمد - رحمه الله -، وقد كانوا شاهدين على منجزاته في كتابة العدل في وادي الدواسر، التي كانت تحت متابعته الشخصية وإدارته الحسنة.
حدثني الأخ فهد بن ناصر الضرير أحد الموظفين في كتابة العدل، بأن جميع الموظفين كانوا دائماً يستمتعون بحديثه الكريم، والاستماع لإرشاداته وتوجيهاته، حيث كان يتعامل مع الموظفين دائماً كإخوانه، وكان المراجعون دوماً يخرجون من مكتبه، رحمه الله، وهم راضون بإنجاز العمل أو حتى فهم ما يعيق الإنجاز بإكمال الإجراءات حتى إنجازها في المرة القادمة.
وحدثني الأخ بتال بن مرزوق آل جنبان أحد منسوبي المحكمة العامة بوادي الدواسر، أن الفقيد لم يقصر يوماً ما في بذل النصح والإرشاد، ولم يشح يوماً، لا بمال ولا بمساندة لكل من يطلب منه. بل إنه كان دائم الحرص لتلمس أحوال الناس بنفسه، ويصلح بين المتخاصمين، وكانت أحاسيسه مليئة بالعطاء والكرم والجود والبساطة والتواضع.
كانت نشاطات الفقيد - رحمه الله -، ومواهبه متعددة، فهو بجانب ولعه في طلب العلم الفقهي والاستزادة منه، كان عاشقاً للعمل في القطاع الخاص، وكان مساهماً في عمليات الكهرباء في وطنه، كما أنه كان من عشاق الشعر والأدب، وقد ارتبط بالمجتمع، وهو معروف في محافظته، بمساهمته في عتق الرقاب ووصل أرحامه وأصدقائه.
أذكر جلستي معه التي كانت لأول مرة بعيداً عن العمل في شهر رجب الفائت في مجلس الأستاذ سالم بن محمد الدوسري مدير عام تعليم منطقة نجران سابقاً، أذكر بأنني لم أرَ «أبا مفرج» في ذلك المجلس إلا وهو ضحوك الوجه ومبتسم في وجه الجميع، وكان يجري اتصالاته مع بعض زملائه وأصدقائه للتنسيق في رحلة إلى محافظة القنفذة للاستمتاع بالمناظر الطبيعية نتيجة كميات الأمطار، تنسيق وحرص على الالتقاء لا يأتي إلا من القامات المدركة لحجم وأهمية دورها الذي تلعبه من أجل إشاعة المودة والألفة في المجتمع.
وحتى مرور أول أسبوع من وفاته ما زال الأعيان والأهالي وزملاء الدراسة والعمل والأصدقاء حتى اللحظة، يستعيدون ذكرياتهم مع الشيخ محمد، وللواقع، ألسنتهم تجد عنتاً كبيراً في إضافة عبارة «رحمه الله» إذا ذُكِر اسمه.
ولكن ماذا يصنعون، والبلاء نازل من السماء، والموت هو المصير الشامل علينا جميعاً، وإن لم نلجأ إلى الصبر، فقد اعترضنا على مالك الأمر.
وقد رثاه الشاعر محمد بن فراج آل مبارك بقوله:
يا شيخ ما قصرت وفيت كفيت
يابو اليدين الطايله والكريمه
يا شيخ تبقى حي لوك توفيت
تبقى على مر الزمان الصتيمة
يا شيخ فزعاتك لها صوتٍ وصيت
مع البعيد واقرب الناس ديمه
وقال فيه الشاعر منير بن محمد الودعاني:
كاتب عدل حاش التواضع وما فيه
كامل وفا كفٍّ ندي طيب الفال
حكيه ما بين أبشر وحاضر ولبيه
منصى السعد للي لفى ضايق البال
حاز المراجل والأدب كلها فيه
أنا أشهد إنه راح يا ناس رجال
رحمة الله تغشاك يا فقيدنا الغالي «محمد»، وأسبغ عليك من كرمه وفضله في أعلى جنانه، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.