بدر بن عبدالمحسن المقحم
في خطوة تعد لافتة ونوعية وغير مسبوقة وبتوجهات من القيادة الرشيدة قامت حملة وطنية لمكافحة المخدرات في الأيام الماضية وبإدارة وإشراف ومتابعة من لدن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء ومن خلال لجنة يترأسها سموه تضم عديدا من كبار المسؤولين الذين يمثلون كافة الجهات الحكومية ذات العلاقة بمكافحة داء المخدرات واجتثاثه، حيث وفر لها كل الإمكانات الإدارية والبشرية والتنظيمية والفنية والمالية وبسخاء منقطع النظير، كما أعطيت لهذه اللجنة من صاحب القرار من الصلاحيات ما يسهل مهام عملها الجسيم في حماية الدولة والمجتمع من مخاطر هذه الآفة الفتاكة سواء من ناحية التتبع، أو المداهمة، أو الاعتقال والسجن لكل متورط في هذه المخدرات، سواء أكان مروجا أو مهربا أو متعاطيا حتى ينظر في أمره من الناحيتين الشرعية والنظامية، فقد ثبت مع مرور الأيام وبما لا يدع مجالا للشك بوجود عدة دول وجهات تستهدف أمن المملكة والنيل من شبابها ومكتسباتها، فالمخدر يحمل الكثير من الأمراض النفسية والجسدية والسلوكية والاجتماعية والأمنية وبالتالي فإن العدو الذي يستهدفنا يعلم علم اليقين بأن تعاطي أي نوع من هذه المخدرات يعد أشد أثرا من استخدام السلاح الناري باعتبار أن الرصاصة تقتل شخصا، أما داء المخدرات فيقتل في بدايته مجموعة من البشر الذين سرعان ما يتساقطون بفعل ذلك وهو ما يترتب عليه تفكك الأسرة التي هي أساس بناء المجتمع ونواته، وهذا ما يغري ويدفع بالدولة أو الجهة المعادية على ضرب أمن واستقرار الدولة المستهدفة بهذه الصورة من التدمير القاتل الذي لا يحتاج له كثير من العناء كالحروب النظامية. إن على المجتمع السعودي بكل أطيافه وطبقاته أن يعي خطورة هذا الآفة وحجم جهود المملكة في التصدي لها ومدى الاستهداف والعداوة التي تكنها بعض الجهات الخارجية ضد البلاد والعباد، وهو ما يملي علينا الاصطفاف الوطني خلف قيادتنا الرشيدة للدفاع عن مملكتنا الحبيبة، ولعل ما يعول عليه بعد الله في هذا المقام الأسرة السعودية وتماسكها تجاه هذا السلاح الصامت الذي يفت من عضد المجتمعات ويسرق كل صور السعادة والابتسامة بين أفراد الأسرة الواحدة وينشر الضعف في أوصالها، وهذا ما يستوجب قيام المؤسسات التعليمية العام منها والخاص، وكذلك منظمات المجتمع المدني كالجمعيات والمنتديات والملتقيات والنوادي والأندية على توحيد الجهود ونشر الوعي الجمهيري بأبعاد هذه المعضلة والأضرار والمفاسد التي تحملها المخدرات لا سيما وأنها الخطر الأول وبامتياز لكل الضرورات الخمس في الشريعة الإسلامية التي جاء الدين لحفظها وأجمع عليها علماء الإسلام بأهميتها القصوى للمجتمع المسلم وحمايته من الناحية العقدية والفكرية والأمنية والصحية وهي على التوالي/ الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال . إن حرب المخدرات باعتقادي أنها حرب مفتوحة من جانب أعداء الإنسانية والوطن وسيبذلون فيها الكثير من الحيل وألوان من المكر الشيطاني لنشرها في الداخل السعودي، لكن ما نراهن عليه بعد الله هو صمود القيادة الرشيدة في التصدي لهذه الجريمة البشعة في حق الإنسان واستخدام كل الوسائل الممكنة لإحباط أي عمليات تهريب ومن خلال يقظة رجال الأمن والجمارك، والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه العبث بمستقبل مملكتنا العزيزة على قلوب الجميع واستهداف أمنها واستقرارها ثم وعي المجتمع السعودي في نهاية المطاف ممثلا بمكوناته الأسرية والقبلية والمناطقية والفكرية والعلمية في مواجهة هذه الآفة وإدراك مخاطرها والتعاون مع الأجهزة المختصة لمكافحة المخدرات والتبليغ عن كل حالات التعاطي أو الإدمان أو الترويج لها عندما يتم اكتشافها في حينها، مع وضعنا في عين الاعتبار نص الحديث الشريف كنبراس يهتدى به في كل الأحوال وبالذات في هذه الحالة حيث جاء عن رسولنا العظيم محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام قوله (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته...) الحديث. فالمسؤولية تقع على الجميع والكل سيستفيد إيجابا في حال التصدي لهذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة والحد منها المهددة للأمن والسلم الأهلي بكل المقاييس.