ناهد الأغا
أسرتني تلك الكلمات العذبة ذات العُمق الكبير والمؤثر، التي قالها الشاعر السعودي ياسر التويجري،وقفت عنده في مقابلة تلفزيونية له واصفا ًالحب، ورأى أن حقيقة الحب هي،من طرف واحد ويكون الطرف الآخر منسجما ًمع مشاعر الطرف المقابل له.
فلسفة لم أتخيلها من قبل، جعلتني أفكر مليا بتلك المشاعر التي تسيطر على المرء حينما يخفق قلبه عشقاً، وتحلق أمنياته وأحلامه عالياً في سماء الألق.
فكر قويم تجسد في شخصية الشاعر السعودي ياسر بن محمد التويجري الذي قَرضَ الشعر منذ نعومة أظفاره وهو ابن السادسة عشرة ربيعاً، وجاد بقصائد شعرية جزلة، وشارك في مهرجانات شعرية عديدة كالجنادرية وهلا فبراير، وملتقى دبي، ومهرجان الدوحة الثقافي، ولُحنت عدد من قصائده وصدحت بأقوى الأصوات و أعذبها لفنانين سعوديين وعرب.
عندما أستمع مليا إلى كلمات أشعار ياسر التويجري، أسرح في الكلمات الجميلة التي تأسرني في حُسنها وجميل أثرها، فيا لعذوبة كلمات (تناديك) التي ازداد جمال كلماتها ومعانيها بصوت الفنان ماجد المهندس، تناديك... الله ما أروعها، وأنا التي لا أمل من سماعها، وأكررها مراراً وتكراراً، حين يقول:
وأناديك ودموعي هماليل
وفي الصدر تنهيده وحره
أحبك وما للحب تأويل
ولا شفت منك إلا المضره
تناديك رغبات المقابيل
من الأرض وأنت بالمجرة
تهادي على غصنٍ من الليل
وتمادي على القلب ومقره
وتمونين يا ريم المكاحيل
على القلب في خيره وشره
إذا جيتي أستاهلك بالحيل
وإذا كان ما تبغين حره
* * *
وأبحث مليا في أشياء كثيرة، أشياء تبعث أحاسيس لا حد لها، أحاسيس ما بين أمل وألم، وكأنني أشعر عندما أسمع قصيدة (أشياء)، وهي بأعذب الألحان بصوت فنان العرب محمد عبده، كأن شخصا بقي وحيدا ًلا يمكنه معرفة وتصور أين هو، وما هو يحدث، وإلى أين يسير به الطريق، فأعود ألمس الفلسفة التي ذكرها الشاعر ياسر التويجري بأن الحب في حقيقته من طرف واحد، في المقابلة التي شاهدته فيها، تظهر في ثنايا هذه الأبيات:
أشياء في صدري كثير
أشياء وأتعبني الألم
يا طول هالعمر القصير
اللي بداياته ندم
أنا الاسم بس الاسم...
ويني أنا حبيبتي ويني أنا
ما تذكرين أول لقاء
والعهد في آخر لقاء
يوم أمسك أيدينك وأقولانا بدونك بس اسم
حبيبتي حبيبتي ويني أنا.
.. أنا مع الأحزان وإنتي والسهر
حبيبتي ليه الجفا هذا قهر...
وأشعر بمن ينتظر أن يعود الوصل بينه وبين من أحب أو جاس التفكير بها ويعد الأيام والليالي، وهو لا يزال ينتظر، لكنه كمن ينادي دون أن يسمع صدى صوته على الأقل، تلمست هذا الشعور، إلى درجة وكأن هذا الإحساس امتلكني، رغم البُعد والجفا، فلا زال القلب يتقد بلهيب الأمل والشوق، ويسود العُذر في القلب لمن غاب وابتعد، فمن أحب شيئا ذات يوم، يبقى على ود وعرفان له مدى الحياة.
سلم لسانك وكلماتك وبوحك يا شاعراً عرف الإحساس نبراسا ًمضيئا ًوملهما ًفي رسم أجمل المعاني والكلمات، من قلب شغوف ونفس تواقة.