تُصمّم الهياكل الإدارة في أي مؤسسة حكومية أو خاصة مهما كان حجمها صغيراً أو كبيراً على شكل تفرعات شجرية. تبدأ الشجرة من رأس الهرم بمدير وقائد المؤسسة مروراً بالمساعدين ومن ثم مدراء الاقسام إلى أن تصل رؤساء الوحدات وما يندرج تحتها من موظفين.
يقوم قائد الجوق أو المايسترو بقيادة فرقته الموسيقية واقفاً أمامهم يشير بعصاه الصغيرة يومئ بها مع حركات متزامنة بيده الأخرى. يفهم العازفون هذه الإشارات السريعة لتقوم الفرقة الموسيقية بإصدار النغمات من آلاتهم ليخرج لنا معزوفة موسيقية تطرب لها الأسماع وتهيم بها القلوب. يحرص قائد الجوق على تناغم الأصوات الموسيقية الصادرة من آلات العازفين على أن يعزفوا بشكل متناغم ومرتب ومتوازٍ دون أن يسبق أحدهم الآخر أو يتأخر, وإلا لصدرت المعزوفة بشكل مشوه مزعج للأذن وأبعد ما يكون عن الطرب. ومهما كان حجم الفرقة الموسيقية من عدة عازفين أو العشرات منهم فهو يقف أمامهم ليمنع ذلك ويقودهم إلى التناغم والتجانس ويحلق بالمستمعين إلى آفاق من الطرب والنغم الجميل محافظاً على النوتة الموسيقية ومقاماتها. وأي خلل من أحد العازفين بمختلف آلاتهم الموسيقية سيكون واضحاً وظاهراً لأي مستمع يتذوق الموسيقى.
وهكذا فإن قائد المؤسسة كقائد الجوق أو المايسترو والذي بحنكته يكوّن فريقه على حسب الهيكل الإداري. فيخلق فريقاً من المساعدين ورؤساء الأقسام كل يعمل في تخصصه بشكل متناغم ومتوازٍ ليخرج لنا عملاً مبهراً ومنتجاً قادراً على التغلب على كل الصعاب والتحديات التي يواجهها الفريق في العمل. تفشل الإدارات التي يسودها عدم الرضى أو عدم التجانس فضلاً عن التناحر والمشاكل الشخصية بين أعضاء الفريق.. وهذا هو دور القائد أو المايسترو الذي لا يستطيع خلق بيئة عمل مناسبة تنتج موسيقى مليئة بالنشاز والخروج عن النوتة.
أن تكون قائداً ناجحاً فهذا يتطلب الكثير من الحكمة والحلم والدراية والعلم وإجادة فن التعامل مع الآخرين من مساعدين وموظفين وعملاء. النزول إلى أصغر الموظفين أو العازفين وتطوير مهاراته وتوجيهه هي مهمة القائد حتى يتناغم مع زملائه وتتحسن إنتاجيته. وكما أن القائد يقود فريقه ويرفع من إنتاجيته فهو أيضاً مسؤول عن علاقة مؤسسته مع الإدارات العليا والتناغم معها وتحقيق أهدافها, ليأخذ دور العازف في الجوق الخاص بالإدارة العليا, وبذلك فهو يجب أن يحظى برضى موظفيه وعملائه وأيضاً مدرائه في الإدارات العليا وهذا هو التحدي الحقيقي والمعادلة الصعبة, كما هو الحال للمايسترو الذي يحرص على قيادة فرقته الموسيقية ورضى المستمعين ورضى الملحن والكاتب والفنان.
تختصر الهياكل الإدارة على القائد تكوين فريق العمل وعليه أن يخلق البيئة المناسبة والمحفزة لهم ليرقى بمؤسسته ويرفع من إنتاجيتها.