منصور بن إبراهيم الحسين
قبل قرابة 66 عاماً من يغامر في افتتاح مدرسة أهلية بالرياض. لأنه يعد شيئا من الجنون لأسباب كثيرة من أبرزها قلة ذات اليد عند الناس، فالدخل المادي لعموم افراد المجتمع كان بسيطا جدا. إلى جانب وجود التعليم الحكومي المجاني. ومع ذلك غامر الشيخ محمد بن إبراهيم الخضير بتأسيس اول مدرسة أهلية وهي مدارس التربية النموذجية (عام 1378هـ - 1958م). حيث عُرف الشيخ بأنه ذو ولع شديد بالتعليم خلال مسيرته العلمية والمهنية، حيث التحق بالعمل في شركة أرامكو عام 1369هـ كعامل في السكك الحديدية بعد أن أنهى تعليمه في الكتاتيب في منطقة القصيم، وتعلم اللغة الإنجليزية بشكل جيد ولاحظ خلال عمله في شركة أرامكو أن زملاءه في العمل أخذوا يتقنون اللغة الإنجليزية وهم لا يحسنون القراءة والكتابة باللغة العربية ولولعه الشديد بالتعليم سخّر غرفته الخاصة لتعليم القراءة والكتابة لزملائه في شركة أرامكو. وفي عام 1374هـ انتقل للعمل بمشروع الخرج الزراعي الذي كانت تشرف عليه شركة أرامكو وطالب الشركة بتأسيس مدارس لأبناء العاملين بالمزارع فوافقت الشركة على إقامة مدرستين وقام الشيخ محمد الخضير بإدارتها والإشراف عليها إضافة إلى عمله.
وبعد مسيرة حافلة في العمل الحكومي، وضع الشيخ أول لبنة بافتتاح أول فرع لمدارس التربية النموذجية الذي كان يقع في حي الملز بمدينة الرياض، لتكون أول مدرسة في مدينة الرياض لتعليم البنات حيث كان ذلك قبل تأسيس الرئاسة العامة لتعليم البنات بعامين.
فلو استثمر الشيخ محمد الخضير ماله في إنشاء شركة لمواد البناء او للأكل أو الزراعة، أو العقار فإنه سيكون من أغنى أهالي الرياض الآن. ومع ذلك حرص على أن يستثمر في بناء العقول وليس بناء البطون والمساكن. وبعد جهد جهيد وتعب متواصل وتطوير مستمر على مدى عقود تصبح تلك المدرسة إلى مجموعة ضخمة من الصروح التعليمية المتميزة التي تجاوزت أربعة أسماء كبيرة أهمها مدارس التربية النموذجية بفروعها المتعددة في أحياء مدينة الرياض والقصيم والمنطقة الشرقية. ولم يتوقف اهتمام وحرص الشيخ محمد وأبنائه على التعليم العام بل انتقل التعليم الجامعي وقام بتأسيس جامعة اليمامة مع عدد من المساهمين.
وعصر الخميس 5/ 11/ 1444هـ تمت الصلاة بجامع الراجحي بالرياض على هذا الرجل الحريص على الرقي بالتعليم في المملكة، الذي يتوجب على وزارة التعليم أن تكرمه على ما قدمه من خدمة للوطن فهو قد خفف عن الدولة مئات الملايين من خلال استيعابه لعشرات الآلاف من الطلاب والطالبات تضمهم أكثر من 75 مدرسة للبنين والبنات تضم المئات من المعلمين والمعلمات السعوديين وغير السعوديين. فهل يخصص لهذا الرجل صفحة في المقرر أو اسم قاعة في الوزارة.
أسأل الله العظيم أن يتغمد الشيخ محمد الخضير بواسع رحمته أو أن يسكنه فسيح جناته. وأن يجبر مصاب ذويه. ويلهمهم الصبر والسلوان.