د. سفران بن سفر المقاطي
يعتبر التعليم العام بصفة عامة والتعليم الجامعي خصوصاً في جمهورية إيرلندا من أفضل أنظمة التعليم الجامعي في العالم، إذ تتميز بنظام تعليمي عالي الجودة في أنظمته ومتطلباته ومناهجه ومخرجاته، لأنه أخذ من التجارب العالمية أفضلها، فهو مزيج من النظام الأمريكي والأوروبي.
ويتمتع أيضاً بالحرية الأكاديمية للأقسام والكليات، فمثلاً تجد في الجامعة الواحدة كلية تطبيق النظام الأمريكي (الذي يعتمد على الساعات أو الوحدات الدراسة) وأخرى تطبق النظام الأوروبي (الذي يعتمد على الفصول الدراسية أو السنوات) وحتى أحياناً تجد في الكلية الواحدة اختلاف الأقسام في التنظيم الأكاديمي. أما ما يميز الدراسات العليا في الجامعات الإيرلندية فغالباً ما يتم وضع الطلاب في مجموعات بحثية مدعومة من الحكومة الإيرلندية أو شركات من القطاع الخاص مما يجعل مخرجات هذه الجامعات عملية وقابلة للتطبيق، وتخدم المجتمع وسوق العمل الإيرلندي والعالمي.
ويتكون النظام التعليمي الجامعي في إيرلندا من عدد من الجامعات المرموقة أوروبياً وعالمياً، حيث يقدم للطلاب فرصة للحصول على مؤهلات معترف بها دولياً في مختلف المجالات العلمية والمهنية. ووفقاً لتقرير كيو إس لعام 2022م، تصنف سبع جامعات إيرلندية ضمن أفضل 1000 جامعة في العالم، وتحتل جامعة ترنيتي كوليدج دبلن المرتبة الأولى في إيرلندا و101 على المستوى العالمي. كما تحظى الجامعات الإيرلندية بسمعة طيبة في مجالات أكاديمية مثل الطب والهندسة والتكنولوجيا، والأدب والفنون، والإدارة والاقتصاد.
وحصول إيرلندا على الترتيب الرابع والعشرين للدول الحاصلة على جوائز نوبل بفوز علمائها وباحثيها بسبع جوائز نوبل على الرغم من قلة عدد سكانها مقارنة بالدول الأخرى التي حصلت على ترتيب متقدم يعود لجودة وتميز نظامها التعليمي وقوته الإبداعية والابتكارية. وتضم إيرلندا 10 جامعات كبيرة، و15 معهداً للتقنية، وحوالي 50 كلية، يدرس فيها حالياً أكثر من 170.000 طالب وطالبة.
ومن بين هؤلاء يشكل الطلاب الدوليون نحو 12 %، ويأتي معظمهم من الولايات المتحدة ومنطقة الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا تتميز جامعات إيرلندا أيضًا بتوفير فرص للطلاب للمشاركة في الأبحاث والتطوير، حيث تشجع الجامعات الطلاب على المشاركة في الأبحاث وتوفر لهم المنشآت والمصادر والمواد اللازمة لذلك. لهذا تعد جمهورية إيرلندا وجهة شهيرة للطلاب الدوليين الراغبين في الدراسة في الخارج، لقدرة جامعاتها على جذب الطلاب الدوليين ولوجود معاهد أو مراكز تعليم اللغة الإنجليزية لغير الناطقين بها متميزة، حيث يوجد في العاصمة دبلن وحدها حوالي 38 معهدا أو مركز لغة، يبلغ عدد الطلاب الدوليين فيها حوالي 35.00 طالب وطالبة، وذلك لتوفر فرص للحصول على منح دراسية ومساعدات مالية للطلاب الدوليين، وتوفر الحكومة الإيرلندية مجموعة من المنح الدراسية للطلاب الدوليين الذين يرغبون في الدراسة فيها.
وتستضيف أيضًا عدداً كبيراً من الطلاب الدوليين في جامعاتها، ويأتي هؤلاء الطلاب من عدد من البلدان حسب إحصاءات عام 2022م، حيث يشكل الطلاب الأمريكيون أكبر عدد من الطلاب الدوليين في إيرلندا بعدد 4500 طالب وطالبة.
ثم تليها الصين ثانياً بعدد 2500 طالب وطالبة؛ ثم المملكة في الترتيب الثالث بعدد 1500 طالب وطالبة سعوديين، ورابعاً كندا بعدد 1000 طالب وطالبة، وخامساً ماليزيا بعدد 900 طالب وطالبة، وسادساً هونغ كونغ، بعدد 800 طالب وطالبة، وسابعاً الإمارات العربية المتحدة بعدد 700 طالب وطالبة. ونظراً لجودة التعليم الجامعي في إيرلندا وتميزه كانت أولى البعثات التعليمية السعودية في عام 1961م عندما بعثت الحكومة السعودية أول طلاب سعوديين لدراسة الطب في جامعات إيرلندا.
ومنذ ذلك الحين وطلاب سعوديون يتوافدون على الجامعات الإيرلندية لدراسة مختلف التخصصات، وخاصة في مجالات الطب والهندسة وإدارة الأعمال.
ولتعزيز التعاون العلمي والثقافي بين المملكة وإيرلندا والعمل على استمراره تم أواخر عام 2012م افتتاح مكتب الملحقية الثقافية في دبلن للإشراف على المبتعثين مباشرة بعدما كان يتم الإشراف على الطلبة السعوديين في إيرلندا من الملحقية السعودية بلندن، تقديرًا لكونها إحدى أهم وجهات مبتعثي برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي بجميع مراحله ومعظم جهات الابتعاث الأخرى والجامعات السعودية، حيث تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات بين وزارة التعليم وبعض الجامعات السعودية بالمملكة وعدد من الجامعة الإيرلندية تتضمن: توفير أكثر من 100 مقعد في تخصصات الطب للطلاب السعوديين سنوياً في مرحلة البكالوريوس خاصة الكلية الملكية للجراحين بإيرلندا و 50 مقعد سنويا في مرحلتي الزمالة والتخصص الدقيق للأطباء السعوديين في الكلية الملكية للأطباء في إيرلندا. وهناك اتفاقيات بين عدد من الجامعات السعودية وجامعة دبلن وغيرها.
وقد بلغ عدد الطلاب السعوديين في أيرلندا أوجه حوالي 3000 طالب في عام 2014م، منتشرين في عدد من الجامعات الإيرلندية مثل كلية ترنيتي، جامعة دبلن وجامعة كورك وجامعة غالواي، ومينوث وغيرها يدرسون في تخصصات الطب والهندسة والمحاسبة، وإدارة الأعمال، والقانون، وغيرها.
حيث درس في إيرلندا حتى الآن حوالي 6000 طالب وطالبة سعودية وهم يعملون الآن في القطاعات الصحية والاقتصادية والإدارية والتعليمية وأعضاء هيئة تدريس في الجامعات السعودية بمهنية عالية واقتدار.
كل ذلك يؤكد الأهمية النسبية للتعليم الجامعي في إيرلندا، والاستثمار الأمثل بابتعاث السعوديين إليها كل عام.