سهوب بغدادي
من منا لا يتذكر تلك الأيام الخوالي التي قضيناها على مقاعد الدراسة، فكانت بعض المواد تدرس في معمل العلوم، كمواد العلوم البحتة من كيمياء وفيزياء وأحياء، فكان المعمل بمثابة العالم المجهول والمثير، الذي يخفي بين جنباته الكثير من التجارب والإثارة، وكان أول ما يخطر على بالي وبال الطالبات -عندما نتحدث عن التجارب العلمية والابتكار- أن نقوم بتفجير المواد-عذرًا على اللفظ- ولكنها الحقيقة وما يرد على بالنا، فقد طالت تلك التجارب أغلب المواد، بهدف الخروج باكتشاف علمي دون علم بالتأكيد، وصولًا إلى طفاية الحريق المتواجدة في المعمل، ظناً منا أنها وجدت هناك بغرض الاستخدام! وقد انطوت صفحة العلوم والمعامل والمدرسة والدراسة ولكن ما أنعش ذاكرتي وذكرياتي هو كتاب قيم، وقع بين يدي صدفة عند زيارتي لمنزل عمي -حفظه الله- في عيد الفطر المبارك، فمن عتبات معامل العلوم كنت تلك الطفلة المفعمة بحب الاستطلاع وقليل من العبث، وصولًا إلى عتبات مكتبة (الأوادم)، وجدت يومها كتاب عنون بـ»السلامة أولًا، معايير جديدة للأمن والسلامة في مختبرات العلوم للصفوف الدراسية بمرحلة التعليم الأساسي» الصادر عن معهد السلامة المخبرية في الولايات المتحدة الأمريكية، Laboratory Safety Institute, LSI أعده د. كين روي، ود. بيتر ماركو، ود. جيمس كوفمان، وقام بنقله لنا وترجمته بشكل حصري لتعليم منطقة مكة المكرمة أ.د فيصل بن عبد القادر بغدادي - عمي الذي عبثت في مكتبته- والأستاذ القدير أكرم أمير العلي، فكان في مطلع الكتاب مجموعة من الإرشادات والقواعد التي تلزم المؤسسة التعليمية تحقيقها لضمان سلامة المكان ومن فيه من الألف إلى الياء، على سبيل المثال ممارسات السلامة العامة لدروس العلوم في مرحلة التعليم الأساسي، ودروس الأحياء وما يتداخل فيها، ودروس الكيمياء وما يتواجد فيها كذلك، والطرق الآمنة والصحيحة لتحضير المحاليل الكيميائية، وختامًا، طرق الإسعافات الأولوية لهؤلاء الطلبة العابثين -نسأل الله لهم الهداية- فمن تجربتي المتواضعة في المعامل المدرسية علمت أن المعايير والإجراءات الخاصة بالأمن والسلامة لم تكن مثالية أو في أحس أحوالها، ولكن اليوم وبالاستفادة من تجارب الدول الأخرى في إطار التعليم العام والعالي نستطيع أن ننقل هذه النواحي إلى مستويات متقدمة وتطويرها من هنا بإذن الله.
«لا ضير من قليل من العبث، مع ضمان السلامة».