خالد بن حمد المالك
عادت علاقات المملكة إلى طبيعتها مع كل من إيران وسوريا، وبذلك طويت صفحة الخلافات وبُشِّر العالم العربي والإسلامي بأن عهداً جديداً من التعاون والتنسيق سوف يشرق على هذا العالم، وأن الخلافات قد تم معالجتها من خلال الحوار والدبلوماسية وقاعات الاجتماعات.
* *
كانت هناك أسباب لقطع العلاقات، وأسباب لتطبيعها بعد سنوات من الانتظار، ومن المؤكَّد أن نأي المملكة بنفسها عن أي تعاون وتنسيق مع كل من إيران وسوريا في سنوات سابقة قد أسهم في حرص الدولتين لتجنب أي أضرار بمصالح المملكة في المستقبل، وفي المقابل فإن الرياض تعتمد سياساتها -وهذا معلوم لدى دمشق وطهران- في عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وهذا ما كان وسيظل التصرُّف الذي تحرص عليه المملكة.
* *
لكن - وهذا هو المهم- أن تصالح كل من سوريا وإيران مع المملكة، وطي صفحة الماضي، والبدء بعهد جديد من العلاقات الأخوية، قد تولَّد عنه اختفاء الأصوات المبحوحة، والأقلام النتنة، ولم نعد نسمع تلك الكلمات القذرة من بعض قادة الأحزاب في لبنان، وبعض القنوات الفضائية، وكذلك ما يكتب في الصحف.
* *
وكانت هذه الأبواق السياسية والإعلامية تتاجر وتستجيب لمن يدفع، وترهق نفسها في خدمة من يمولها بالمال الفاسد، دون مبادئ أو قيم، أو حتى احترام للنفس، حتى إذا ما تم بدء حسن الجوار، والتفاهم على ما يعزز العلاقات بين هذه الدول والشعوب، غابت تلك الأصوات المأجورة، ولم نعد نسمع لها ما كان من قبح الكلام.
* *
ومن حسنات إعادة العلاقات بين المملكة وكل من سوريا وإيران، غياب هذه الأسماء وما كانت تعبر عنه من كلام مسموع أو مقروء لا يليق بمن يحترم نفسه، والموقف الصحيح الذي يجب أن يكون فيه، مع قناعتنا بأن هؤلاء لا يحترمون أنفسهم، ويتصرفون بغباء، وبما يُملى عليهم، وكأنهم بلا عقول، وبلا إرادة، وهم كذلك بالتأكيد.
* *
هذه فرصة للتأمل بين ما كان عليه هؤلاء، وبين ما أصبحوا عليه بعد عودة العلاقات السعودية - الإيرانية، والسعودية - السورية، وهي من نتاج هذين الاتفاقين، ومن حسناتهما، إذ لم نعد نسمع أو نشاهد أو نقرأ ما يؤذي مشاعر العقلاء في هذه الأمة، ولعل في هذا درس لكل العملاء، والمرتزقة، من سياسيين وإعلاميين في منطقتنا وفي الخارج.
* *
إن عودة العلاقات بين كل من المملكة وسوريا، والمملكة وإيران إنما تصب في مصلحة هذه الدول، وبالقدر نفسه في مصلحة بقية دول المنطقة، والمؤشرات واضحة، ويمكن أن يتم على ضوئها التفاهم والتعاون على إنهاء الأزمات في لبنان واليمن، والمساعدة على خروج سوريا من الوضع الذي تمر فيه، كما يمكن للدول الثلاث أن تتعاون على إطفاء النزاعات في عدد من الدول الشقيقة مستفيدة من دور المملكة المؤثر والمقبول والمرحب به في كثير من هذه الدول.
* *
وكل ما نتمناه أن تصدق النوايا، ولا تتكرر أخطاء الماضي، وأن يستفاد من الخلافات السابقة كدروس لضمان عدم تكرار ما كان سبباً في قطع العلاقات بين المملكة وكل من الدولتين.