ميسون أبو بكر
أنا متأكدة أن الكثير من قرائي الكرام تعرّف للعبارة التي عنونت بها مقالي، فالكثير كان يكتبها على بطاقات الأفراح ودعوات الأعراس بطريقة مهذبة يعني بها «الرجاء عدم اصطحاب الأطفال».
وقد تذكرت العبارة وأنا أتسوق البارحة في أحد المولات ومن حولي ضجيج الأطفال ومطارداتهم وكذلك إصابات وكدمات حلت بهم نتيجة مشاجراتهم وملاحقة بعضهم البعض، وقد علق طفل في زجاج العرض وآخر تسبب بسقوط امرأة حامل، وكما نعلم انشغال الأم بالتسوق تسبب في فقد الرقابة اللازمة عليهم، وهذا المشهد ذكرني بصلاة التراويح في رمضان حيث امتنعت بعض النساء من أداء صلاة التراويح في المسجد نتيجة اصطحاب أخريات لأطفالهن وإزعاج الأطفال للمصليات. مكان الأطفال ليست الأسواق والمساجد وصالة الأفراح، وبعض الزيارات كذلك لا تصلح لهم إن لم يكن هناك أطفال من نفس السن وإن تواجد كبار سن أو مرضى يسهل انتقال الأمراض لهم عبر الأطفال.
في فرنسا عشت تجربة أصدقاء أجدها مجدية لذكرها هنا، فبشكل عام هناك نظام يفرض إلحاق الطفل منذ نعومة أظفاره بنشاطات بدنية بعد المدرسة مباشرة، ورغم يوم العمل الطويل للوالدين إلا أنه يتوجب على أحدهما مرافقة الطفل بعد إحضاره من المدرسة والذهاب به لأحد هذه الأنشطة التي يلتحق بها الطفل حسب رغبته وموهبته، وهو شبه يومي ينخرط به الطفل لتفريغ طاقاته وكسب المهارات واللياقة البدنية وقضاء الوقت مع أقرانه الذين لهم نفس الهوايات.
وحيث إن هناك يومي عطلة السبت والأحد فمعظم الأسر تخصص أحد هذين اليومين لقضاء حاجات المنزل وقضاء وقت مع الأبناء وزيارة السينما أو المسرح، ويوم العطلة الآخر للحاجات الشخصية للأب والأم وزيارة أصدقائهما.
لا بد أن يكون هناك وعي بحاجة الطفل الحركية والأماكن التي تناسب وجوده فيها والآمنة له كي لا يكون عبئاً على المكان ومصدر إزعاج فيه، فالطفل إن لم يرق له المكان قام بالإزعاج والتخريب وسبب الفوضى.
اشغلوا الطفل بما يناسب عمره وتفكيره، واحرصوا على أن يهدر طاقاته بما يحب وما يفيد وفي المكان المخصص له بعناية، كما احرصوا أيضاً أن تقوموا بتربيته بأنفسكم وأن تنظموا الوقت بما يعود بالنفع على العائلة.
وجود الخادمات بالمنزل هو كمساعدة ولا يدخل في تربية الأبناء ومرافقتهم أغلب الوقت، أتذكر جدتي رحمها الله كانت إن رأت طفلاً مشاكساً قالت هذا تربية خادمات وهذه حقيقة.
الأسرة كيان متكامل والتخطيط في الحياة من أسباب الحياة الناجحة، والأطفال زينة الحياة فلا تجعلوا منهم غير ذلك.