عبد الله بن سالم الحميد
الكتاب عنوان الحضارة ومركز إضاءة الوعي والارتقاء والثقافة والابتكار.
في يوم الخميس الثامن والعشرين من شهر شوال لهذا العام شرعت أبواب (معرض الكتاب بالمدينة المنورة) الذي استقطب عشّاق الفكر والكلمة والثقافة لزيارته والإفادة من تجلّياته المشرقة.
والعناية بالكتاب ورعايته والاهتمام به وبأهله ومحبّيه توجّه حضاري نبيل، تُعنى به الرّؤى الرائدة الواعية الحكيمة التي يهمّها شأن الارتقاء بالوعي والثقافة وتوثيق أواصر المجتمع باحتضان تجلّياتها المشرقة للارتقاء باهتمامات المجتمع وتكثيف وعيه وثقافته المتجدّد في هذا الزمن المتسارع في حركة التقدّم والارتقاء في شتّى مسارب الحياة، لما تشهده التقنية بتراكماتها وصورها الحديثة من تنافس شديد عبر كل القنوات المتاحة والمبتكرة في فضاء الحياة.
الكتاب ميدانٌ مشرع مفتوح أبداً للإضافة والتعبير والتوثيق على مدى الدهر، لنشر المعرفة والثقافة وغرس قيم القراءة وتفعيلها في أعماق النفوس المحبّة للعلم، وفي نسيج الحياة.
ومنذ أن تجلّت إشراقات الوحي على نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم بنزول جبريل عليه السلام بآيات (سورة اقرأْ) {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}.
منذ ذلك الحين حتى الآن والقراءة إضاءة للوعي والعلم والمعرفة والكشف والتجديد في شتّى مسارب الحياة، ومنابر الارتقاء والتعليم والمعرفة والتوجيه والابتكار والإبداع.
من آفاق هذه التجلّيات المشرقة تتجدّد قيمة الكتاب وأهميته، وتتألق مكانة المهتمين بحضوره بمقدار تكثيف العناية به ورعاية شأنه، وفتح كل المنابر والميادين لاحتضانه ودعمه، والاحتفاء به وبأهله وتكريمهم وتقديرهم ورعاية توجّهاتهم المتجدّدة بالعطاء المتدفّق، والتعبير الأمثل.
مقترحات:
وبهذه المناسبة الحضارية المثلى لإقامة (معرض الكتاب بالمدينة المنورة) على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، أودّ أن أقدّم هذه المقترحات بشأن الكتاب متمثّلة ًفيما يلي:
أولاً: أن تُنقل مهمة إصدار فسح طباعة الكتب من وزارة الإعلام إلى وزارة الثقافة حسب الاختصاص، بصفة الكتاب مادّة ثقافية، ويمكن أن يدعمها الإعلام من ناحية التوجّه الإعلامي، والإسهام في نشر التوعية والثقافة - كما كان سابقاً- بوسيلة الشراء من المؤلفين، وتوزيع إنتاجها عبر القنوات الإعلامية المتخصصة.
ثانياً: أن تتولّى وزارة الثقافة مسؤولية فسح طباعة الكتاب ونشره وتوزيعه، وفْق اختصاصها- دون تدخّل جهات أخرى- وتبادر إلى دعم المؤلفين والناشرين بما يضمن تيسير شأن الكتاب، وتفادي المعوّقات التي تعترض سبيل نشره، وتتولّى وزارة الثقافة ما يتعلّق بتنظيم (معرض الكتاب) وتنويع أساليب نشره بالاستفادة من رؤى العارفين وتجارب الناجحين من الناشرين والمؤلفين وغيرهم مع التقنيات الحديثة - للارتقاء والتحديث والتجديد.
ثالثاً: في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز -رحمهما الله- صدر مرسوم ملكي ينصّ على دعم الكتاب السعودي المطبوع، بتوجيه الوزارات والمرافق الحكومية بالشراء من كل مؤلف، وبخاصة وزارات الإعلام والتعليم والجامعات، ولوضع مستند ملزم لدعم الكتاب لا بدّ من إعادة النظر في وضع الكتاب ودعم المؤلف الذي ينفق وقته وهمّه وجهده وحياته لمهنته في سبيل خدمة مجتمعه وأمته، ألا يستحق الدعم والتقدير والاحتفاء والتكريم، فلا بدّ -إذاً- من لفتة واعية حكيمة لهذا الأمر الحضاري تليق بمستوى العلم والمعرفة والارتقاء، تنظّم دعم الكتاب، الذي يعدّ عنوان الحضارة، ونبراس التقدّم والارتقاء.