سهوب بغدادي
فيما يعرف الانفصام بأنه اضطراب عقلي ونفسي علميًا، إلا أنه بالمعنى العام في الأحاديث يأتي بمعنى التقلب وتغيير الموقف الأساس، أو التناقض لما كان موجودًا أو لما قيل، ودخولًا إلى موضوعنا اليوم والمتعلق بالمجال الإلكتروني، قد تصاب بالاستغراب من الرابط بين الانفصام في عصر السوشال ميديا، لن أطيل المقدمات، فالشخص يصاب بالانفصام الإلكتروني على وجهين، الأول، عندما ترى شخصية مناقصة لتلك التي على أرض الواقع، حيث ينشر الفرد حكمًا عن التسامح والأخلاق الحميدة، وفي ذات اللحظة يشتم أثناء قيادة السيارة، هذا مثال بسيط، فالأخلاق لا تتجزأ، وليست موطنًا للتنظير، أما الموضع الثاني، فيتجلى من خلال التعاملات اليومية داخل التطبيقات المخصصة بالتواصل، إذ يرى الشخص منشورًا يفيد بحالة وفاة لدى شخص عزيز، فيقوم بالتعزية إلكترونيًا، وخلال ذات الساعة يبارك لصديق آخر بزواجه أو قدوم مولود أو نجاح و ما شابه، أليس تناقضًا؟ قديمًا، كنا «على قلب واحد» نفرح ونحزن سويًا، نتشارك المشاعر والخطوب، فأهل الحارة جميعهم معزومون على زواج جارهم فلان، ويتواجدون في مكان الحفل كأهل لا «معازيم» فهذا يجهز، وذاك يستقبل الوافدين، وقس على ذلك من المواقف، بالطبع، لا الزمان الآن كالزمان ولا المكان ذاته، ولكن تبقى المفاهيم الطيبة بالمشاركة وتلمس احتياجات الغير، وإن كانت التعزية إلكترونية، فيستطيع الشخص متابعة حال الشخص بعد أيام إلكترونيًا او باتصال وزيارة لمعرفة أحواله، ومساندته حضوريًا فإن لم يكن هذا الأمر متاحًا، فنفسيًا وقد يكون ذلك أعظم ما تقدمه لأخيك المسلم، فلا تحتقر معروفًا بحجة تباعد الأمكنة وتسارع الزمان، ولا تكن متناقضًا مع ذاتك أولاً ومع أهلك والمحيط أخيرًا.