د. محمد بن إبراهيم الملحم
تتمة لما كتبته سابقاً عن تفوق طلاب المملكة في معرض آيسف العالمي أود اليوم أن أكتب عن مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع أو مؤسسة موهبة موضحاً دور هذه المؤسسة التعليمية الناجحة بل المتفوقة في القيام بواجبها وتحقيق رؤيتها وطموحاتها، وهي مثال جيد للقيادة الناجحة عبر مسيرتها بفضل اهتمام حكومتنا الرشيدة أولاً ودعم الملوك السابقين رحمهم الله الملك فهد والملك عبدالله لهذه المؤسسة الرائعة وعناية واهتمام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز سلمه الله بها منذ أن كان أميراً للرياض تشجيعاً وتسهيلاً لمتطلباتها ودعماً للعاملين فيها وحتى اليوم برعايته واهتمامه بها حفظه الله.
ولابد أولاً أن أقدم نبذة سريعة للقارئ عن هذه المؤسسة فهي مؤسسة وقفية وطنية غير ربحية تأسست بأمر ملكي في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز عام 1999 وتحمل اسم مؤسس المملكة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وأضيف إلى الاسم «ورجاله» تقديراً للملك الموحد ورجاله الأوفياء الشجعان، وقد أعلن عن تأسيسها أثناء احتفالات المملكة بالمئوية، وقد ترأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز منذ تأسيسها حتى وفاته رحمه الله، ولذلك فهي إحدى كيانات مؤسسة الملك عبدالله الإنسانية وحرصاً منه رحمه الله على استدامة المؤسسة وضمان قدرتها على القيام بأعمالها فقد خصص للمؤسسة وقفاً وأشرك في أجره جميع أفراد الشعب السعودي.
وهي تسعى للمساهمة في بناء منظومة وطنية للموهبة والإبداع في المملكة العربية السعودية حيث طورت الخطة الإستراتيجية لرعاية الموهبة والإبداع ودعم الابتكار مسترشدة بالتجارب الدولية بمساهمة خبراء دوليين ومحليين، سعياً منها إلى المساهمة الفاعلة في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 ولذلك تهدف إلى اكتشاف ورعاية الموهوبين والمبدعين في المجالات العلمية ذات الأولوية التنموية، ورسالتها تؤكد على إيجاد بيئة محفزة للموهبة والإبداع وتعزيز الشغف بالعلوم والمعرفة لبناء قادة المستقبل وخدمة الإنسانية عبر قيّم الشغف، التميز، الإبداع، التعاون والثقة.
موهبة حققت أهدافها من خلال الكشف عن الموهوبين والمبدعين ورعايتهم رعاية حقيقية تشمل تدريسهم وتدريبهم بل وحتى ابتعاثهم، عندما تتأمل من يعملون في هذه المؤسسة تجدهم جميعاً قادمين من مؤسسات علمية رصينة وهم شخصيات تمكنوا في مجالاتهم العلمية فترى آثارهم واضحة على الطلاب الذين تدربوا على أيديهم، لقد استطاعوا أن يتلمسوا أفضل الممارسات العالمية في رعاية الموهوب ويستخدموها باحترافية، كما جلبوا أحدث الأدوات وأنفقت المؤسسة بسخاء على تدريب الموهوبين، وقد اجتهدوا في تقديم أفضل ما لديهم وربما ابتكروا هم أنفسهم إبداعات خاصة لأجل تقديم المعرفة والمهارة للموهوبين.
وفي جانب آخر تلمس في موهبة حسن القيادة وجودة التخطيط والتنفيذ، ويتضح ذلك من خلال نجاح واضح لبرامج وأنشطة المؤسسة حيث يطرق سمعك اسم موهبة باستمرار : في المدارس، في المؤتمرات، في المراكز والمؤسسات الثقافية والعلمية ذات العلاقة، في المنتديات واللقاءات سواء المحلية أو الأقليمية، بل إنك عندما تستعرض أعمال موهبة وأخبارها تجدها متواجدة عالمياً تمثل المملكة أينما كانت هناك قيمة مضافة لاسم المملكة في محافل الموهبة والإبداع.
استعرضت برامج موهبة المتنوعة ووجدتها عشرين برنامجا طموحاً وفعالاً، وهو عدد كبير عندما نتصور أن كل برنامج له فريقه وأنشطته وأدواته وميزانياته وما إلى ذلك من المتطلبات التنفيذية واللوجستية والتخطيطية والتقييمية، وهو ما ينم عن نشاط دؤوب وخلية نحل في هذه المؤسسة المتميزة، ولقد أعجبني بين هذه البرامج ما يسمى «رابطة موهبة» والذي يمثل وسيلة للربط بين الموهوبين الذين «مروا من هنا» يوماً ما وكانوا ضمن أنشطة وبرامج موهبة لتستمر علاقتهم بموهبة من جهة وبزملائهم الموهوبين من جهة أخرى، سواء كان المتقدم لعضوية هذه الرابطة طالباً أو خريجاً انتهى من رحلة الدراسة فهو يشارك عضوية الرابطة ليتحقق التفاعل الخلاق بين جميع الموهوبين باختلاف تخصصاتهم ومجالات الموهبة لديهم وباختلاف الفئات العمرية أو بكونهم طلاباً أو ضمن القوة العاملة في بيئة العمل..
أخيراً موهبة مثال جيد للمؤسسة التعليمية الناجحة في قراراتها وأنشطتها وهمتها وتمثلها لقيم التعلم واهتمامها بالجودة والتميز، باختصار: موهبة المؤسسة المتخصصة في رعاية المبدعين أبدعت هي ذاتها فلها تحية خاصة.
** **
- مدير عام تعليم سابقاً