حوار - محمد العيدروس:
أكد سفير تركيا لدى المملكة السيد/ فاتح اولوصوي أن بلاده والمملكة تتميزان بعلاقة مميزة مرتبطة بعلاقات تاريخية وثقافية واقتصادية واجتماعية متجذرة. وقال: نحن على ثقة من أننا سنرتقي بعلاقاتنا الأخوية وتعاوننا مع المملكة إلى مستويات أعلى في جميع المجالات في هذا العصر.
وأكد السفير فاتح اولو صوي في حديث خاص لـ(الجزيرة) أن العلاقات التركية السعودية مهمة ليس فقط على الصعيد الثنائي أو لمنطقتنا ولكن أيضًا للعديد من القضايا العالمية والإقليمية... وكعضوين أساسيين في منظمة التعاون الإسلامي ومجموعة العشرين، حيث تعد تركيا والمملكة لاعبان مؤثران في منطقتنا وتتشاركان في مواقف متشابهة إزاء العديد من الملفات الإقليمية والدولية، كما أن بلدينا من ضمن البلدان التي تتفق في الآراء فيما يتعلق بالقضايا العالمية مثل البيئة وتغير المناخ. ويتخذ كلا البلدين خطوات نحو السلام والأمن والاستقرار والازدهار في منطقتنا وخارجها.
وتطرق السفير خلال الحوار إلى دعم المملكة لبلاده خلال أزمة الزلالزل وقال: نشكر دعم وتضامن قيادة المملكة وشعبها الشقيق وماقدمته من مساعدات.
إلى نص الحوار:
** ما هو تقييمكم لمسيرة العلاقات الوطيدة بين المملكة وشقيقتها تركيا وآخر معدلات التبادل التجاري بين البلدين؟
- تتمتع كل من تركيا والمملكة بعلاقة مميزة مرتبطة بعلاقات تاريخية وثقافية واقتصادية واجتماعية متجذرة.
وتاريخيا كانت تركيا واحدة من أوائل الدول التي اعترفت بالمملكة العربية السعودية وأرسلت على الفور أول مبعوث دبلوماسي في عام 1926م.
كما قام وزير خارجية المملكة آنذاك، الملك فيصل- رحمه الله- بزيارة إلى تركيا في الفترة من 8 إلى 23 يونيو 1932 وتم استقباله من قبل مصطفى كمال أتاتورك. ومنذ عام 2005، تم إجراء 15 زيارة رفيعة المستوى بشكل متبادل بين تركيا والمملكة العربية السعودية. وفي العام الماضي، تم إجراء أيضًا زيارتين ناجحتين للغاية على مستوى عالٍ. حيث إن الزيارات المتبادلة من قبل فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، رئيس الوزراء وولي العهد، في 2022 نقلت العلاقات الثنائية إلى آفاق جديدة ومهدا الطريق لمزيد من التعاون بين البلدين.
بعد الزيارات المتبادلة التي قام بها قادة بلدينا في العام الماضي، نحن نؤمن أن مستقبل العلاقات التركية السعودية يبدو أكثر إشراقًا. وفي البيان المشترك الصادر بعد زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان إلى تركيا، الاستثمار والتجارة والسياحة والترفيه والتنمية والصناعة والتعدين ومشاريع البناء والنقل والبنية التحتية (بما في ذلك المقاولات) والزراعة والأمن الغذائي والصحة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والإعلام والرياضة والطاقة، بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة، والبيئة، وتغير المناخ، والذكاء الاصطناعي، والتقنيات الرقمية، والمدن الذكية، والتعاون العلمي، والشركات الصغيرة والمتوسطة، والتعاون الدفاعي، تم تقديمها كمجالات محتملة للتعاون. وفيما يتعلق بحجم التجارة الثنائية، لقد تم تحديد هدف 10 مليارات دولار أمريكي، وأنا فخور بالقول إن حجم تجارتنا يسير في اتجاه متزايد منذ ذلك الحين. ونحن نعمل على قدم وساق لتحقيق هذا الهدف.
وبناءً على هذه الخلفية التاريخية، طورت تركيا والمملكة علاقة متينة بينهما أثبتت أنها قوية ومرنة بدرجة كافية. كما أنني على ثقة تامة من أن الزيارات المتبادلة بين بلدينا بما في ذلك الزيارات على أعلى مستوى ستكثف في الفترة المقبلة.
يحمل هذا العام معنى خاصا بالنسبة لتركيا حيث نحتفل بالذكرى المئوية لتأسيس جمهورية تركيا، حيث نطلق على هذا العصر الجديد اسم «قرن تركيا». ونحن على ثقة من أننا سنرتقي بعلاقاتنا الأخوية وتعاوننا مع المملكة العربية السعودية إلى مستويات أعلى في جميع المجالات في هذا العصر.
العلاقات التركية السعودية مهمة ليس فقط على الصعيد الثنائي أو لمنطقتنا ولكن أيضًا للعديد من القضايا العالمية والاقليمية. وكعضوين أساسيين في منظمة التعاون الإسلامي ومجموعة العشرين، فإن نقاط القوة النسبية للبلدين تكمل بعضها بعضا في العديد من المجالات والقطاعات.
** الثقل الإقليمي للمملكة وتركيا دوليا... كيف يمكن للبلدين الشقيقين توحيد الجهود إزاء العديد من القضايا الإقليمية؟
- تعد كل من تركيا والسعودية لاعبان مؤثران في منطقتنا وتتشاركان في مواقف متشابهة إزاء العديد من الملفات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. كما أن بلدينا من ضمن البلدان التي تتفق في الآراء فيما يتعلق بالقضايا العالمية مثل البيئة وتغير المناخ. ويتخذ كلا البلدين خطوات نحو السلام والأمن والاستقرار والازدهار في منطقتنا وخارجها. كما تدافع كل من تركيا والمملكة العربية السعودية عن حل سلمي للنزاعات وتكافحان من أجل ذلك.
وفي هذا السياق، تقوم تركيا بتنفيذ آلية متعددة الطبقات ومتنوعة من المبادرات في مجال الوساطة وتتولى الرئاسة المشتركة لمجموعات أصدقاء الوساطة في الأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومنظمة التعاون الإسلامي، وتستضيف مؤتمرات الوساطة الدولية وبرنامج شهادة «الوساطة من أجل السلام». بصفتها أحد الرؤساء المشاركين لمجموعة الاتصال التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي حول الوساطة مثل تركيا، استضافت المملكة العربية السعودية أيضًا مؤتمر الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي حول الوساطة في الفترة من 5 إلى 6 يوليو 2022 في جدة. تلعب كل من تركيا والمملكة العربية السعودية دورًا حاسمًا في جهود الوساطة على أرض الواقع. وفي الآونة الأخيرة، بينما لعبت تركيا دورًا فعالاً مع الأمم المتحدة في التوسط في صفقة الحبوب بين روسيا وأوكرانيا، قامت المملكة العربية السعودية بعمل رائع في الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بشأن وقف إطلاق النار المؤقت والترتيبات الإنسانية في 20 مايو 2023، بالإضافة إلى إعلان جدة في 12 مايو، والذي من بعده أصدرت وزارة الخارجية بجمهورية تركيا بيانًا ترحيبيًا.
في ضوء ما سبق، كدولتين رئيسيتين في منطقتنا، فإن المزيد من المواءمة والتعاون بين تركيا والمملكة العربية السعودية من شأنه أن يمهد الطريق بالفعل للحلول التي طال انتظارها للصراعات والتحديات في المنطقة.
** تفاعلت السعودية مع شقيقتها تركيا إبان وقوع الزلزال كيف رصدتم ذلك؟
- وقع زلزالان كبيران بقوة 7.7 و7.6 بمقياس ريختر في محافظة كهرمان مرعش في 6 فبراير 2023. وتبع ذلك أكثر من 10.000 هزة ارتدادية. ضربت هذه الزلازل بشدة عشر مقاطعات يبلغ عدد سكانها 13,5 مليون نسمة. بالإضافة إلى ذلك، شعرت عدة دول في المنطقة، بما في ذلك سوريا ولبنان، بالهزتين القويتين اللتين أصابتا تركيا في غضون 9 ساعات. الاختلاف الرئيسي الذي يميز هذا الزلزال عن زلزال أرزنجان الكبير الذي بلغت قوته 7.9 درجة والذي سجل على أنه أشد زلزال وقع في تركيا قبل 84 عامًا هو أن هذه الزلازل كانت مستقلة وحدثت بفارق 9 ساعات فقط بينهما. وأنهما، إلى جانب الهزات الارتدادية، شُعرت بشدة في العديد من مناطق تركيا وفي بلدان أخرى. حيث بلغ طول الشقوق الموجودة على سطح الأرض 400 كم. كما استمر كل زلزال لمدة دقيقتين وتسبب في تحرك سطح الأرض 7.3 متر. مما يعني أن زلازل 6 فبراير يمكن اعتبارها «كارثة هذا القرن».
لسوء الحظ، فقد أكثر من 50.000 شخص حياتهم في تركيا. ووفقًا لتقارير وزارة البيئة والتطوير العمراني والتغير المناخي، تم فحص 4,859,000 وحدة مستقلة في مناطق الزلزال ووجد أن 214,577 مبنى سيتم هدمها بشكل عاجل بسبب تضررها بشدة أو انهيارها.
في أعقاب الزلازل، تم إرسال فرق البحث والإنقاذ على الفور إلى المناطق المتضررة من الزلزال وبدأت وزارة الداخلية ووزارة الصحة وإدارة الكوارث والطوارئ والمحافظات وجميع المؤسسات الأخرى العمل اللازم. وكما أكد الرئيس رجب طيب أردوغان، عملت الحكومة مع جميع مؤسساتها منذ لحظة وقوع الزلزال، وتم حشد جميع الجهود. في غضون ذلك، وبناءً على توجيه من رئيسنا، تم تعيين جميع أعضاء مجلس الوزراء إلى المناطق المتضررة من الزلزال. وبسبب الزلازل أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان الحداد الوطني لمدة سبعة أيام في أعقاب الزلازل، تم إصدار إنذار من المستوى 4، والذي يتضمن دعوة للحصول على المساعدة الدولية. حيث قام 35,000 عضو من فرق البحث والإنقاذ القادمين من الخارج وأماكن مختلفة بالعمل بجد لأسابيع في بلدنا محافظين على الأمل حتى آخر كومة من الركام.
نشكر دعم وتضامن قيادة المملكة وشعبها الشقيق، حيث بعث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، برقية تعزية إلى فخامة الرئيس أردوغان رئيس جمهورية تركيا. كما أجرى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء مكالمة هاتفية مع الرئيس أردوغان.
وتنفيذاً لتوجيهات الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، قام مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية (KSrelief) وغيرها من المؤسسات السعودية ذات الصلة بتسليم المساعدات الإنسانية في منطقة الزلزال. كما هبطت أولى الفرق الطبية والفرق الأخرى من المملكة العربية السعودية في 9 فبراير في أضنة التركية. كما تم نشر مساعدات إغاثية إضافية لتركيا وفرق البحث والإنقاذ بواقع 14 طائرة تحمل 874 طناً من مواد الإغاثة الإنسانية (أغذية، خيام، معدات إيواء، بطانيات وبسط، أدوية، أجهزة ومستلزمات طبية) عبر الجسر الجوي الذي تم إنشاؤه من المملكة العربية السعودية إلى تركيا. بلغ المجموع الإجمالي للمساعدات التي قدمتها المملكة العربية السعودية الشقيقة لتركيا 26 مليون دولار.
بناءً على توجيهات القيادة، أطلق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية حملة شعبية لجمع التبرعات من خلال منصة ساهم. في المجموع، تم جمع 504.8 مليون ريال بمشاركة أكثر من 3.2 مليون من الإخوة والأخوات السعوديين من خلال هذه الحملة. لقد تابعنا التبرعات السخية التي أجريت في وقت قصير ونقدر مساهمات جميع الإخوة والأخوات في المملكة لضحايا الزلزال. وفي هذا الوقت العصيب،. كما ذكر الرئيس أردوغان المملكة بالاسم من بين الدول التي تدعم بالفعل وستواصل دعم تركيا في هذا الوقت الصعب. وهذا مؤشر واضح على عمق العلاقات والروابط القوية بين البلدين الشقيقين.
من الواضح أن هذين الزلزالين هما «كارثة القرن».
** الرؤية السعودية 2030 تستهدف فتح الجوانب الاستثمارية وفرص الاستثمار وتنويع مجالات التعاون المشترك. ما هي الفرص المتاحة لدعم التعاون المشترك بين البلدين؟
- تحتل المملكة العربية السعودية مكانة خاصة لدى الشعب التركي وصناع القرار. حيث الروابط التاريخية والإنسانية والثقافية والدينية العميقة تجعلنا نتمتع بهذه الصلة الفريدة وعليه فإن هذه العلاقة القوية لها انعكاسات على تعاوننا الاقتصادي أيضًا.
إن علاقاتنا الاقتصادية آخذة في الازدياد، حيث أن معالي وزير الاستثمار السعودي السيد/ خالد الفالح حضر منتدى الاستثمار التركي السعودي في اسطنبول في 22 ديسمبر 2022. ومن ثم قام وزير التجارة في جمهورية تركيا بزيارة إلى الرياض في 18-19 مارس 2023. وعلى هامش الزيارة، في 19 مارس أقيم منتدى الأعمال التركي السعودي، وبين 19 و21 مارس، أقيم معرض المنتجات التصديرية التركي بنجاح في الرياض بمشاركة وزير التجارة ونظيره السعودي معالي الدكتور/ ماجد القصبي. في 20 مارس، انعقد منتدى البناء بين الشركات والحكومة في الرياض، حيث اجتمع ممثلو شركات المقاولات التركية البارزة وممثلو المؤسسات العامة السعودية.
إن حجم التجارة الثنائية لدينا يسير أيضا في اتجاه تصاعدي. مع بلوغ 6,5 مليار دولار أمريكي في عام 2022، ما زلنا نشهد زيادة مطردة في حجم تجارتنا السنوية. للتوضيح أكثر، بلغ حجم تجارتنا الشهرية 525 مليون دولار أمريكي في مارس، بينما كان يبلغ 476 مليون دولار أمريكي في يناير. ونحن نؤمن أنه نتيجة لتعزيز الأنشطة الاقتصادية، ستزيد تجارتنا وستصل إلى الهدف السنوي البالغ 10 مليارات دولار أمريكي.
نحن مبهورون عند متابعة أن المملكة العربية السعودية الشقيقة تحقق الآن خطوة بخطوة خطتها لرؤية 2030. في إطار رؤية 2030، تعطي المملكة العربية السعودية الأولوية لعدد من القطاعات مثل الآلات والمعدات والمنتجات الغذائية والسيارات والطيران والأدوية والتقنيات الصيدلانية والأجهزة الطبية والصناعات الدفاعية والطاقة المتجددة والإنتاج الصناعي.
فيما يتعلق بهذه القطاعات، تمتلك تركيا الخبرة الجيدة وتوفر فرصًا ممتازة من حيث نسبة الجودة إلى السعر.
ومن وجهة النظر هذه، نعتقد أن هناك تطابقًا رائعًا بين بلدينا حيث تكمل تركيا والمملكة العربية السعودية بعضهما بعضا اقتصاديًا. يمكن أن تقدم تركيا مساهمات كبيرة في تحقيق رؤية المملكة العربية السعودية 2030 خاصة في هذه القطاعات.
من ناحية أخرى تتمتع الشركات التركية في المملكة العربية السعودية بتاريخ طويل وملف شخصي ناجح وقدرة مؤسسية على تنفيذ المشاريع الكبرى. في الواقع، تم تنفيذ العديد من مشاريع ا لبنية التحتية والمياه والإسكان والمستشفيات في المملكة العربية السعودية بنجاح من قبل الشركات التركية في الماضي.
في الفترة المقبلة، نعتقد أن الشركات التركية التي تحظى إنجازاتها باعتراف عالمي وتقدم فرصًا جذابة للغاية فيما يتعلق بالأسعار والجودة، ولا سيما في المجالات ذات الأولوية من قبل المملكة العربية السعودية، ستتبوأ مكانة مهمة في المملكة العربية السعودية وستعزز التعاون الاقتصادي التركي السعودي وتنقله إلى مستويات أعلى.
إلى جانب قطاع البناء، تعد السياحة مجالًا مهمًا للتعاون حيث أثبتت تركيا نجاحها في العالم. تجاوز العدد الإجمالي للسياح الذين يزورون تركيا 51 مليون سائح في عام 2022 وكان ما يقرب 500.000 منهم من أشقائنا وشقيقاتنا السعوديين. هدفنا هو زيادة هذا الرقم إلى ما لا يقل عن مليون في السنة.
إن المملكة العربية السعودية، التي تتطور بسرعة من حيث التنوع الاقتصادي في منطقتها وتحقق إنجازات مهمة في سياق رؤية 2030، لديها فرص استثمارية مشتركة مع تركيا في العديد من المجالات، ولا سيما في السياحة والطاقة المتجددة والشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة والصحة والخدمات اللوجستية والإنتاج الصناعي.
** أين وصلت المفاوضات حول الملف السوري وما هي الجهود التي يمكن أن تبذلها تركيا لعودة الاستقرار في سوريا؟
- تشترك تركيا وسوريا في حدود على طول 911 كم، وتتعرض على الفور للآثار غير المباشرة لكل المستجدات التي تحدث في سوريا. منذ اندلاع الأزمة السورية في عام 2011، حاولت بلادي الحد من الآثار السلبية أو على الأقل تقليلها. حيث تستضيف تركيا في الوقت الحالي ما يقرب من 3.3 مليون سوري ووفرت المنازل وسبل العيش لملايين الإخوة والأخوات العرب. ومع ذلك، فإن وجود مثل حزب العمال الكردستاني PKK/ وحدات حماية الشعب YPG/ حزب الاتحاد الديمقراطي PYD في المناطق المتاخمة لحدودنا مع سوريا يشكل تهديدًا مباشرًا وخطيرًا للأمن القومي لتركيا. حيث شنت عناصر PKK/PYD/YPG هجمات على شمال سوريا وتركيا أكثر من 2000 مرة منذ عام 2020. وقتل في هذه الهجمات حوالي 500 مدني سوري. كما فقدنا مواطنينا المدنيين وجنودنا وضباطنا.
بما أن كل دولة ذات سيادة تتحمل مسؤولية حماية مواطنيها وحدودها، فبعد العديد من الجهود السلمية التي لم تسفر عن نتيجة، كان علينا أن نحدد مصيرنا بأيدينا. أجبرنا الوضع الحالي ووجود عناصر من PKK/ YPG/ PYD على إجراء عمليات عسكرية في سوريا لضمان أراضينا وسلامة أراضي سوريا ووحدتها.
ازداد الوضع الإنساني في سوريا سوءًا على مدار 12 عامًا من النزاع، حيث يحتاج حاليًا 70% من السكان إلى مساعدات إنسانية. منذ بداية الأزمة الإنسانية، عملت تركيا على تسهيل الاستجابة الإنسانية الدولية في شمال غرب سوريا. نفذ الهلال الأحمر التركي عمليات من نقطة الصفر منذ عام 2012. علاوة على ذلك، كانت تركيا الممر الرئيسي لإيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود من قبل وكالات الأمم المتحدة إلى شمال غرب سوريا منذ عام 2014، ووفقًا لقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة. ومع وقوع الزلازل، سارعت تركيا إلى إصلاح الطرق التي تحمل المساعدة وإدارة تدفق المساعدات الدولية إلى شمال غرب سوريا، بينما كانت تحاول مداواة جراحها.
** سياحياً وتاريخياً تبرز علاقه من نوع خاص بين المملكة وتركيا. كيف يمكن دعم مثل هذا المسار؟
- في السنوات الأخيرة، أصبحت تركيا علامة تجارية عالمية في مجال السياحة من خلال المزج بين كرم الضيافة التقليدي ونهج الإدارة الحديث.
بفضل استثماراتها في المرافق السياحية والبنية التحتية بالإضافة إلى موقعها التاريخي والثقافي والجغرافي، احتلت تركيا مركز الصدارة كوجهة سياحية عالمية في عام 2022 أيضًا.
مع خصائصها الجغرافية المتنوعة وثرائها الطبيعي، لا يمكن أن تقتصر الأنشطة السياحية في تركيا على السياحة الجماعية والسياحة الساحلية؛ كما أنها مدعومة بسياحة الينابيع الحارة، والشتوية، والمرتفعات، والثقافية، والدينية، وسياحة فن الطهو وكذلك السياحة البيئية. على سبيل المثال:
- تركيا بمياهها المعدنية الغنية والعلاجية هي جنة الينابيع الحرارية وترحب بالباحثين عن صحة جيدة بمرافقها عالية الجودة.
- تعد تركيا أيضًا وجهة سياحية مهمة للأنشطة الشتوية ومعالم الجذب بجبالها الشاهقة المغطاة بالثلوج على مدار العام.
- مرتفعات تركيا ونمط حياة الناس الذين يعيشون في هذه المناطق لها مكانة خاصة في المشهد الثقافي الغني لتركيا.
- تركيا المحاطة بالبحر من ثلاثة اتجاهات، هي كنز من الكهوف والمضائق والخلجان البحرية، حيث يمكن لليخوت اختيار مرسى مختلف وخاص كل ليلة.
- بسبب الترويج والتواصل القوي والعروض السياحية المتنوعة - ليس فقط الشواطئ ولكن أيضًا الطبيعة والتراث والمدن النابضة بالحياة مثل اسطنبول وطرابزون وبورصة وكابادوكيا/ نيفشهير وباموكالي/ دنيزلي وريزا - فإن تركيا جذبت اهتمام مزيج متنوع من المسافرين.
- تركيا هي أيضًا موطن للثقافات والأديان المختلفة وتحمل تراثًا إسلاميًا ثريًا.
- السياحة الصحية هي مجال آخر يتمتع بميزة كبيرة بالنسبة لتركيا. في العقدين الماضيين، حققنا تقدمًا كبيرًا في قطاع الصحة وقمنا بتحسين جودة وكفاءة نظام الرعاية الصحية الذي أثبت أيضًا مرونته خلال جائحة Covid-19.
- من خلال تقديم التكنولوجيا الطبية الحديثة، والأطباء المهرة والمهنيين الصحيين، والخدمة الجيدة، والأنشطة السياحية الغنية والمتنوعة، والموقع الجغرافي، والرحلات المباشرة من أكثر من 300 وجهة، والعلاج الفعال من حيث التكلفة، ترحب تركيا بالمرضى من جميع أنحاء العالم.
- تجاوز إجمالي عدد السائحين الذين يزورون بلادنا 51 مليون سائح في عام 2022. (51.387.513) هدفنا لعام 2023 هو 60 مليون سائح و100 مليون سائح في عام 2028.
- يسعدنا أن نرى أن ما يقرب من 500.000 من الإخوة والأخوات السعوديين زاروا بلادنا في عام 2022. وهدفنا هو رفع هذا العدد إلى مليون في السنة.
- تثبت هذه الأرقام إمكانات السياحة العالية بين تركيا والمملكة العربية السعودية. السياحة بلا شك مجال نمتلك فيه إمكانات كبيرة. السياحة ليس لها بعد اقتصادي وثقافي فحسب، بل هي أيضًا ظاهرة اجتماعية تجمع البلدان والشعوب معًا.
- سيتوسع قطاع السياحة دائمًا وسيستمر في خلق المزيد من فرص الاستثمار للبلدين الشقيقين تركيا والمملكة العربية السعودية وسيستفيد البلدان بشكل متبادل من هذا التحول والزخم.
- تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، تمتلك المملكة الكثير من المشاريع الضخمة والاستثمارات الضخمة في مجال السياحة. تركيا، ليس فقط بخبرتها في هذا المجال، ولكن أيضًا من خلال الاستثمارات المشتركة التي يتم إجراؤها، مستعدة للتعاون مع المملكة الشقيقة لتحقيق هذه الغاية.