د.إبراهيم بن عبدالله المطرف
إنه منبر ينبغي السعي إلى تحويله إلى واقع حي، ليصبح وجهًا من وجوه الدبلوماسية السعودية الرسمية والأهلية، تلك الدبلوماسية التي يمكن أن تكون إحدى التجليّات البارزة، لما تمتلكه المملكة من قوة تعكس حجم تأثيرها ونفوذها في محيطها العربي والإقليمي والدولي، ذلك الحجم والتأثير اللذان يمكن من خلال إطارهما، أن ننظرَ إلى دور المملكة، ومشاركتها وتأثيراتها في صناعة المستقبل العالمي.
فالمراقبُ والمتابع لشؤون المملكة، يرى فيها قوة صاعدة في إقليمها وفي مجالها الدولي، يرى فيها قوة تسعى إلى مواجهة المتغيرات والتحديات في عصر المعلوماتية. ومن هنا، تأتي أهمية «المنبر» الذي نحن بصدده، تعزيزًا لتلك المكانة الصاعدة، وتطويرًا لعلاقات المملكة بأطراف المجتمع الدولي.
الأمر الذي يستدعي أن ننهض بجهودنا طاقاتٍ وهممًا رسمية وأهلية، وخاصة في ما يخص تطوير «شراكاتنا المجتمعيّة» باتّجاه حشد الإرادات القادرة على خدمة الوطن، وصولاً إلى ما يعزز مكانتنا وصورتنا في ذهن الآخر، وخدمة لخياراتنا الوطنية بأبعادها الإستراتيجية.
وقد كنت من بين من أشار ويشير من كتاب الرأي، إلى حقيقة أن الحضور السعودي في المحافل الإقليمية والدولية بات ضرورة إستراتيجية، وكنت «أضيف» ما يؤكد بأن الحضور السعودي لم يعد ضرورة إستراتيجية فحسب، بل بات «منهجًا» ينبغي أن نتقدم إليه بقوة وثقة وكثافة، وفي المنطقة والإقليم والعالم على حد سواء، تمشيًا مع حجم الوطن، الذي يتطلب حضورًا إقليميًّا ودوليًّا يتسق وحجمه وأمنه الوطني، ومصالحه وسياساته.
من هنا، فإن ما نحن بصدده، يمثل «منبرًا» عالميًّا للحوار والتلاقي الثقافي والفكري والحضاري، مع دول مهمة وفاعلة، حيث يمكن أن يمثل «المنبر» بؤرة إشعاع ثقافي تخدم قضايانا الوطنية من جهة وقضايا السلام العالمي من جهة أخرى، علمًا بأن من أهم أهداف «المنبر» الذي نتطلع إلى تفكير جاد في استحداثه، هو تأكيد «الوجود» السعودي في «قلب» قضايا العالم والإقليم والمنطقة، وتأكيد «الهوية» السعودية بملامحها الإنسانية.
ولم تغب «رؤية المملكة» عن بال الكاتب، حيث سيسعى «المنبر» إلى إبراز طموحها الواسع وأهدافها الإستراتيجية في جميع مناشطه وبرامجه وفعالياته، وفي حواراته مع المعنيين بالدبلوماسية الناعمة، في أطراف العالم وزواياه. وفي التالي أمثلة لكيف يلتقي «المنبر» بـ»الرؤية».
فلقد نصّت الرؤية على «أن مرتكزاتها الثلاثة، العمق العربي والإسلامي، والقوة الاستثمارية، وأهمية الموقع الجغرافي الإستراتيجى، ستفتح مجالًا أرحب للقطاع الخاص ليكون شريكًا، لينمو ويكون واحدًا من أكبر اقتصادات العالم».
ويُمكن لهذه المرتكزات الثلاثة أن تكون محورًا رئيسًا «للمنبر» الذي يدرك أهميتها في تنمية القطاع الخاص من جهة، وفي التنمية الاقتصادية والاجتماعية السعودية من جهة ثانية.
وقد ركزت رؤية 2030 في مادتها 2.4.2 على التكامل الخليجي والدولي، حيث جاء فيها بأن «اندماجنا في محيطنا الخليجي على كل المستويات من أهم أولياتنا». وتمشيًا مع ذلك، سيعمل «المنبر» على دعم ذلك التوجه، وخاصة ما يتعلق منه باستكمال المسيرة الخليجية المنشودة.
ويلتقي «المنبر والرؤية» في حقيقة أنه يمكن «للمنبر» أن يؤكدَ «حضورًا» متميزًا فيما يتعلق بتعزيز «مكونات» الإرث الثقافي للمملكة في إطار ما أشارت إليه الرؤية، وهو «إننا نفخر بإرثنا الثقافي والتاريخي السعودي والعربي والإسلامي، وندرك أهمية المحافظة عليه لتعزيز الوحدة الوطنية وترسيخ القيم العربية والإسلامية الأصيلة. وسيعمل «المنبر» على دعم ذلك المسار من خلال التعاون مع الجهات الرسمية والأهلية المعنية، لتحقيق أهداف تعزيز مكونات إرثنا الثقافي.
ويلتقي «المنبر والرؤية» في تأكيدها على العمل مع شركائنا الاقتصاديين حول العالم لبناء الشراكات الإستراتيجية الجديدة لتدعم توجهنا في أن نكون محورًا لربط القارات الثلاث».
وفي هذا الإطار، فإنه يمكنُ «للمنبر» أن يمثلَ فعالية مهمة للتقصي والاستطلاع، بهدف التوصل إلى «مخرجات» توضع بين يدي صانع القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في المملكة، بما تعنيه هذه المخرجات من «رؤى آنية ومستقبلية» يمكنُها أن تُسهمَ في نجاح التخطيط الإستراتيجي، حيث تضعُ أمامه البدائل والخيارات والاحتمالات، التي تؤدي إلى القرار الصائب في رسم المستقبل.
في ضوء التصورات والإيضاحات أعلاه، فإن «المنبر» سيمثل دون أدنى شك «دعمًا للرؤية الإستراتيجية الوطنية التي تدعو لبناء علاقات سياسية واقتصادية وثقافية وغيرها، مع مختلف مكوّنات المجتمع الدولي.
ولتحقيق ذلك التوجه القيادي للمملكة، سيسعى «المنبر» لبناء علاقات «أهلية» مع شرائح ومكونات مجتمعات المنطقة والإقليم والعالم، منطلقًا في إستراتيجية عمله وتوجهاته وسياساته، من سياسات المملكة ورؤيتها الوطنية، ومن بلورته لرؤية علمية حول الأحداث والقضايا الإقليمية والعالمية، وتحسين الصورة الذهنية عن المملكة في الأوساط الإعلامية، وتعزيز الحوار بين السعوديين والصفوة في مختلف المجتمعات، والاهتمام بتعزيز العلاقات على الصعيد الأهلي مع المتعاطفين مع قضايا المملكة، والتواصل مع قادة الرأي المجتمعي في العالم من المفكرين والمثقفين، تعزيزًا لمستوى الحوار والتفاهم، والبناء على ما قدمته المملكة في المحافل الدولية من رؤية حكيمة وبصيرة.
ونختم بما جاء على لسان الملك سلمان سلّمه الله، في رسالة لمواطنيه على موقعه الرسمي KingSalman@» في الساعة 6:10 دقائق، من مساء 10 مارس 2015، كتب فيها «إن هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجًا ناجحًا، ورائدًا في العالم على كافة الأصعدة، وسأعمل معكم على تحقيق ذلك».