د.نايف الحمد
نقلة نوعية وتحول بارز سجله صندوق الاستثمارات العامة باستحواذه على أربعة أندية جماهيرية.. هذا التحول كان بمثابة إعلان دخول الرياضة السعودية لحقبة جديدة تجاوزت فيها مرحلة الاجتهادات والقرارات الفردية إلى العمل المؤسساتي المنضبط بحوكمة إدارية ومالية ستغير الكثير من المفاهيم في الإدارة الرياضية.
- تساؤلات عدة واستفهامات تتردد في أذهان المشجعين والرياضيين وحتى العارفين في علم الإدارة والاستثمار عن الآليات التي سيعمد لتنفيذها الصندوق في إدارة أربعة أندية سيكون التنافس بينها مباشراً على المسطحات الخضراء من أجل إسعاد جماهيرها والظفر بالبطولات، وهل سيتم تقديم حصص الدعم بالتساوي أم أن ثمة فروقات ستظهر تبعاً لنجاح كل نادِ في زيادة غلته من الاستثمارات ورصيده من الجماهير والبطولات؟
- لا أشك مطلقاً في أن الصندوق لديه الإجابات الشافية لكل تلك التساؤلات؛ ولن ننتظر طويلاً من أجل معرفة الإجابة على تلك التفاصيل على اعتبار أن هذا الأمر يشكل أهمية بالغة لدى جماهير الكرة وهي العامل الرئيس في نجاح المنظومة الرياضية.
- ما يهم في هذا الصدد أن يكون لكل شركة من شركات الأندية الأربع استقلاليتها وخصوصيتها وطريقة الإدارة التي تتناسب مع مقومات وإمكانات كل نادٍ حتى نحافظ على شغف الجماهير وحماسها في تشجيع فرقها ودعم قوة التنافس وشراسته وجعل نجاح سياسة هذه الشركات في تطوير الأندية مالياً وفنياً هي المعيار في دعم هذه الأندية حتى يمكن لنا أن نستمتع بفرق قوية تتراكم فيها الخبرات وتتطور وتحقق تطلعات وأحلام جماهيرها.
- ثمة أمر آخر يتعلق بدور مؤسسات الأندية غير الربحية التي تمثل الجمعيات العمومية؛ والتي سيكون لها دور بارز في تميز نادٍ عن آخر وذلك من خلال ما تقدمه من دعم وتطوير للكيان رغم أن حصتها في النادي لا تشكل سوى 25 في المائة فقط.
نقطة آخر السطر
- رغم أن الجميع يتفق على أن مستقبل الرياضة السعودية يسير بخطى متسارعة بعد استحواذ صندوق الاستثمارات العامة على الأندية الأربعة، لكن ثمة مقارنات ومحاولات من قبل المهتمين والجماهير لصياغة بعض المقاربات حيال ترحيب هذه الأندية وجماهيرها بهذا القرار ومدى حجم الاستفادة التي ستحققها من هذا الاستحواذ.
- أعتقد أن جمهور الأهلي هو الأكثر فرحاً بهذا الاستحواذ كون الفريق للتو صاعد من دوري يلو ويحتاج الكثير لبناء فريق قادر على الصمود ومنافسة الأقوياء على البطولات، فكان هذا القرار بمثابة طوق نجاة لعشاق الراقي من أجل عودة هذا النادي العريق لمكانه الطبيعي بأسرع وقت ممكن.
- الفريق النصراوي لا تنقصه الموارد المالية، وقد سجل الفريق أرقاماً فلكية خلال السنوات الماضية لكنه لم يحقق حتى القدر اليسير من طموحات محبيه وكان آخرها الموسم الماضي حيث خرج بلا أي إنجاز رغم أن مشجعيه كانوا يتوقعون اكتساحاً للبطولات مطلع الموسم.
- أعتقد أن مشكلة النصر في عدم استقلالية قرار الإدارة، وكذلك الخطاب الإعلامي لبعض الإعلاميين الذين لا ينقلون الصورة الحقيقية للفريق ما أدى إلى قرارات دفع الفريق ثمنها غالياً، ولا أدل على ذلك من قرار إقالة مدرب الفريق الفرنسي جارسيا الذي تعاقد مؤخراً مع نابولي بطل الدوري الإيطالي.. لذا فإن الاستحواذ سيخلص النادي من هذه المعاناة وسيكون الجمهور النصراوي أول الفرحين به.
- في الاتحاد يمر النادي بأجمل أيامه بعد تحقيقه لبطولتين هذا الموسم، ويدار بطريقة رائعة من رئيسه البطل أنمار الحايلي وذراعه الأيمن أحمد كعكي؛ حيث استطاعت إدارة النادي نقل الفريق نقلة رائعة كسبت بها احترام الجماهير وأعادت الفريق للواجهة.. لكن الفريق يعتمد بشكل كبير على الرئيس ونائبه؛ واستحواذ الصندوق سيخفف الحمل كثيراً وسيسهم في الاستدامة المالية وفي تطور استثمارات النادي بشكل كبير، وهذا سيكون مبعث رضا وسعادة لجماهير العميد.
- أما الزعيم الهلالي فيعد حالة خاصة.. فالنادي بشكلٍ عام وطوال تاريخه يتمتع باستقرار كبير ويحظى بدعم مسيريه ويحصل على الكثير من الرعايات والشراكات الكبرى نتيجة إرث هذا النادي وبطولاته وجماهيريته وسياسة إداراته المتعاقبة.. وبالتأكيد أن استحواذ صندوق الاستثمارات العامة لن يزعج جماهيره العريضة، بل سيزيد من قوة النادي ويدعم خططه المستقبلية، لكنهم يريدون أن يتم تقييم هذه المكتسبات التي انفرد بها النادي عن باقي الأندية السعودية وجعلت منه نموذجاً يُضرب به المثل ليس على المستوى المحلي فحسب، بل حتى على المستوى العربي والقاري.
- وبالتأكيد أن كل ما يدور في أذهان الجماهير والمتابعين والمنتمين للوسط الرياضي بشكل عام من مخاوف على مستقبل فرقهم هو أمر طبيعي كون المرحلة القادمة قد بدأت إرهاصاتها لكنها لم تبح بكامل أسرارها.
- ورسالتي لجماهير الهلال.. لا خوف على فريقكم فهو في أيدٍ أمينة، والصندوق سيدعم نجاحات النادي ويطورها، وسيكون الزعيم هو القطب الأقوى كونه النادي الأكثر جاهزية واستعداداً لهذا التحول، وقد شاهدنا توقيع النادي مع أربع شركات تابعة للصندوق تتمثل في شراكات وعقود رعاية خلال الأيام القليلة الماضية في إشارة واضحة لاستثمار الصندوق لجماهيرية النادي ومكانته الكبيرة التي ستنعكس بالتأكيد على هذه الشركات وتعود بالفوائد على النادي أيضاً.
- أعتقد أن الفترة القليلة القادمة ستكون حبلى بالمفاجآت والأخبار السارة لمشجعي كرة القدم السعودية ما سوف يجعل من المسابقات السعودية عامرة بالإثارة والتشويق.