عبدالوهاب الفايز
بعد إطلاق هيئة الحكومة الرقمية خدمة (بلاغ رقمي) من خلال مركز (آمر).. التطبيقات الإلكترونية الحكومية المخصصة لتقديم الخدمات وتسهيل التواصل مع الجمهور لن تكون بعد الآن مجرد: واجهات
الهيئة تقول إن الهدف من هذه الخطوة هو (رفع مستوى المشاركة والتفاعل بين الجهات الحكومية والمستفيدين، وتوفير تجربة سلسة ومتكاملة في التعامل مع الخدمات الحكومية الرقمية، إضافةً إلى تحسين الاستجابة ورفع رضا المستفيدين). محافظ هيئة الحكومة الرقمية المهندس أحمد الصويان، صرح أن مركز (آمر) يستهدف من خلال خدمة (بلاغ رقمي) فتح قنوات التواصل مع المستفيدين من الخدمات الحكومية الرقمية، والاستماع لمقترحاتهم، لتطوير التواصل وتعزيز فاعلية الخدمات الحكومية.
الهيئة صممت خدمة (بلاغ رقمي) لكي توفر ثلاثة مسارات لتلقي بلاغات المستفيدين حول الخدمات الحكومية الرقمية. مثلًا، عبر خدمة (تقديم شكوى) يستطيع المواطن تصعيد شكوى مُقدمة على خدمة رقمية تجاوز العمل عليها 5 أيام. هذه سوف تحد من التجاهل للشكوى. أيضًا المواطن يستطيع تقديم طلب لتحويل خدمة ورقية إلى رقمية. إلى جانب فتح المجال لـ (اقتراح تطوير) خدمة رقمية لدى إحدى الجهات الحكومية. هذه، وغيرها، سوف تساهم في تسريع التحول الرقمي، وتحسن تجربة المستفيدين.
هذه الخدمة سبقتها مبادرة المشاركة الإلكترونية عبر منصة (تفاعل)، وذلك لإتاحة الفرصة لكافة شرائح المجتمع للمشاركة في تقديم المرئيات والتعليقات والمقترحات.. وغيرها، والمشاركة في استطلاعات الرأي المتاحة إلكترونيًّا من أجل تحسين وتطوير الخدمات الحكومية.
نقول للهيئة.. شكرًا لكم، ومؤسف أن هذه الخطوة النوعية مرت في إعلامنا المحلي بهدوء، ودون استيعاب للأثر الإيجابي الذي سوف يترتب عليها إذا تم تطويرها وتحويلها إلى أداة إيجابية محفزة لمكافأة الأجهزة الحكومية التي تهتم بتطور خدماتها. فهذه الخطوة سوف تجعل الأجهزة الحكومية تكون أكثر حرصًا ورغبة في التطوير والتجديد والإبداع في تقديم الخدمات، والأهم: سوف تجعلها أكثر مسؤولية وحرص على الاهتمام بمصالح الناس، وأيضًا حتى تحقق ما تتطلع إليه بلادنا لإنجاز وإنجاح برامج الرؤية ومستهدفاتها، بالذات نجاحنا في الخدمات الحكومية الرقمية.
ونجاح بلادنا في الخدمات الرقمية، لم يأت من فراغ، بل جاء بعد جهود مضنية ومكلفة، وأول نجاح حققناه كان في خدمات (أبشر) الذي وضعت الأساس والمعيار لتطور الخدمات الرقمية. وقادت الأجهزة الحكومية لتطوير خدماتها الرقمية. تطور الخدمات يتحقق بعد النجاح في الهندسة المالية والإدارية، ورفع الكفاءة التنظيمية التي تمكن وتحقق النضج للخدمات الرقمية، أي هي ليست مجرد بناء تطبيق أو منصة.
ونجاح الأجهزة الحكومية في خدماتها الرقمية هو الذي رفع بلادنا إلى المركز (الأول) في مؤشر نضج الخدمات الحكوميّة الإلكترونية والنقّالة لعام 2022 الصادر من لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) التابعة لمنظمة الأمم المتحدة. هذا المؤشر (يقيس مدى نضج الخدمات الحكومية المقدمة عبر البوابات الإلكترونية والتطبيقات الذكية وفق ثلاثة مؤشرات فرعية وهي: توفر الخدمة وتطورها، واستخدام الخدمة والرضا عنها، والوصول إلى الجمهور، حيث شمل القياس في تقرير المؤشر 18 دولة). كذلك بلادنا حققت المرتبة الثالثة عالميًّا ضمن 198 دولة، حسب بيانات مؤشر نضج الحكومة الرقمية لعام 2022 الصادر عن مجموعة البنك الدولي.
نحن نسعد بالنضج والتقدم للخدمات الحكومية الإلكترونية لأثرها الإيجابي الذي يساهم بتطوير جودة الحياة، ويحسن التنافسية، ويحقق سهولة ممارسة الأعمال للشركات، ويعزز كفاءة العمل الحكومي، بالذات تعزيز المحاسبة والمسؤولية حتى لا تكون الأجهزة الحكومية هي: (الخصم والحكم). الذي نتمناه من هيئة الحكومة الرقمية التوسع في هذا المسار، خصوصًا أن نطاق عملها يتضمن (قياس أداء الجهات الحكومية وقدراتها في مجال الحكومة الرقمية ورضا المستفيد).
وأفضل آلية عمل تكشف بكل شفافية مدى التزام الأجهزة الحكومية بتحقيق مستهدفات التحول الرقمي يتم عبر إصدار (تقارير أداء) موضوعية محايدة ربع سنوية تقيس رضا الجمهور عن الخدمات وسرعة الاستجابة. هذا يحقق مكافأة القيادات والعاملين في الأجهزة الحكومية المتميزة التي تهتم بالجمهور، وهذا من حقهم. وأيضًا تكشف الأجهزة المتأخرة عن تحقيق رضا المستفيدين.
تطبيقات بعض الأجهزة الحكومية الحساسة لمصالح الناس واحتياجاتهم وراحتهم.. مع الأسف ضعيفة وغير مستجيبة لمتطلبات التحول الرقمي، ولا تواكب مستهدفات رفع كفاءة الأداء والإنفاق. وهذا يتضح من ردود أفعال الناس وملاحظاتهم في التواصل الاجتماعي. المصلحة العليا لبلادنا تتطلب النشر الدوري لتقييم الناس لتطبيقات الخدمات الحكومية. هنا ربما نضع بالأولويات تطبيقات القطاع البلدي لتقييم مدى الاستجابة السريعة للأوضاع اليومية المقلقة للناس مثل ردم حفر الشوارع والتكسير والهدم في أوقات الراحة داخل الأحياء السكنية.
التقييم الدوري للتطبيقات سوف يكشف مدى رضا الناس، وأيضا يكشف الخلل في تطبيق الأنظمة مثل النظام الفضفاض الذي يحدد أوقات الأعمال الإنشائية في الأحياء السكنية، والذي فسرته البلديات لصالح النشاط التجاري.
بشكل عام، عدم الاهتمام بالشكاوى التي تُرفع على التطبيقات و(ضعف الاستجابة) لا يحقق الإحساس بالمسؤولية، ويوجد الأرضية - التي لا نرغبها - للاحتقان والتذمر الشعبي. المسؤول الذي يتصدى لمصالح الناس واجبه أن يكون مراقبًا للتقارير والمؤشرات اليومية التي تقيس وترصد رضا الناس، فقد يتحقق الرضا من أمور يسيرة وغير مكلفة.. وكذلك قد تتولد مشاعر عدم الرضا من أمور بسيطة كان من السهل واليسير تلافيها.
هيئة الحكومة الرقمية يعزز دورها ويضعها على خارطة الإدارة العامة تبني مشروع وطني لإصدار تقارير الأداء عن رضا الناس. الأقوى لهذه التقارير أن تصدر بالشراكة مع الأجهزة السيادية الرقابية، ومع مجلس الشورى. هذا المشروع سيكون أكبر داعم لنجاح مستهدفات برامج الرؤية التي نتطلع إليها جميعًا. وسوف يجعل الأجهزة الحكومية تأخذ (مركز آمر) على محمل الجد، وتعزز جهود الهيئة لتحسين الاستجابة لشكاوى ومقترحات المستفيدين، طبقا لما تتطلع إليه، (وفقاً للتوجهات الإستراتيجية للحكومة الرقمية، وتحقيقًا لمستهدفات رؤية السعودية 2030).