قال توماس جيفرسون، الرئيس الأمريكي الثالث: «نظام المعاملات المدنية هو مرآة العدالة والشفافية في المجتمع. فهو يحقق الاستقرار والثقة في التعاملات القانونية، ويعزز حقوق الأفراد ويوفر أساسًا قانونيًا قويًا للعدالة والحرية».
في إطار حدث تاريخي يعدّ من أهم الأحداث القانونية في المملكة العربية السعودية، أعلن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد و رئيس مجلس الوزراء صدور موافقة مجلس الوزراء على نظام المعاملات المدنية، وسيبدأ العمل بهذا النظام بعد 180 يوماً.
نظام المعاملات المدنية والذي تجاوزت مواده 700 مادة قد صُمم ليكون إطارًا شاملاً لمختلف أنواع التعاملات والعقود، ويعزز هذا النظام تحديث وتطوير القوانين لحماية الحقوق وتعزيز مبادئ العدالة والشفافية، وضمان استقرار الأحكام القضائية، فقد روعي في إعداده الاستفادة من أحدث الاتجاهات القانونية وأفضل الممارسات القضائية الدولية في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها.
في هذا المقال، سنستعرض بعض ملامح نظام المعاملات المدنية السعودي.
تحسين استقرار التعاملات: يهدف نظام المعاملات المدنية إلى تعزيز استقرار التعاملات القانونية وتقليل أسباب البطلان أو الإلغاء. حيث يعمل النظام على تنظيم مسائل تصحيح العقود والمسائل المتعلقة بها، بناءً على فرضية صحة العقود. وهذا يسهم في تعزيز الثقة بالتعاملات وتحسين بيئة الأعمال.
منع التعسف في استعمال الحقوق: يتضمن النظام أيضًا مبدأ «منع التعسف في استعمال الحق»، ويحدد الحالات التي تدخل في هذا المبدأ، مثل التسبب العمد في الضرر للآخرين أو استخدام الحق في أغراض غير مشروعة. ويهدف هذا المبدأ إلى حماية الحقوق وتقييدها لمنع التعدي الزائد على حقوق الآخرين.
تنظيم الظروف الطارئة: يأتي النظام الجديد بنصوص واضحة تتعامل مع نظرية «الظروف الطارئة» وتحدد ضوابط وشروط تطبيقها في حالات معينة. وهذا يجعله أول نظام في المملكة ينظم هذه النظرية ويبين حقل تطبيقها وشروطها وأحكامها. هذا يسهم في حماية الحقوق والحد من التعسف في استخدام الحقوق.
تعويض الضرر والكسب الفائت: قدّم النظام تحسينات فيما يتعلق بتعويض الضرر المعنوي، حيث يمنح المتضرر الحق في المطالبة بالتعويض في حالة تعرضه للأذى النفسي أو الضرر في سمعته. كما حدّد النظام أيضًا ضوابط للمطالبة بالتعويض عن الكسب الفائت. وهذا يساهم في تعزيز العدالة وتحقيق التعويض المناسب للمتضررين.
المرجعية القانونية: يُعتبر نظام المعاملات المدنية مرجعًا رئيسيًا لجميع التعاملات القانونية، ما لم يوجد نص خاص لتعامل معين. ويعتبر هذا النظام مرجعًا لكل الأشخاص، سواء كانوا متخصصين في القانون أو غير متخصصين، لإجراء أي تعامل قانوني بطريقة صحيحة وموثوقة.
ختاماً: وفي إطار نقلة نظام المعاملات المدنية السعودي، نستطيع أن نجزم بأنها فتحت بابًا جديدًا للعدالة والتقدم القانوني في المملكة العربية السعودية. فهذا النظام الذي يتضمن أكثر من 700 مادة يعكس تطلعات المملكة لتحقيق المساواة وتعزيز حقوق الأفراد في جميع جوانب الحياة القانونية.
** **
- د. عبدالعزيز بن صالح العجلان
@alajlan_lawyer