رمضان جريدي العنزي
الخيانة نقيض الأمانة، وخرق للعهد والوعد، فالكذب خيانة، والتزوير خيانة، وإخفاء الحقائق خيانة، ولبس الأقنعة خيانة، والتلون خيانة، وتبديل المواقف خيانة، والاصطفاف مع الأعداء خيانة كبرى، وأكبر الخيانات وأفظعها وأشنعها وأقساها وأرداها خيانة الوطن، والخيانة سلوك ذميم، وعمل مشين، وجريمة لا تغتفر، تحط من قدر الإنسان، وتسقط شأنه، وتصغره في أعين الناس، والخائن جاحد مكار، لا يعرف الوفاء، ليس لديه قيم ولا مبادىء ولا ثبات، وهو من شرار الخلق، صفاته ممقوته، وأعماله ذميمة، يضمر الشر، ولا يعرف الخير، قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ}.
إن للخائن فداحة جرم وشؤم، يحاول أن يتلاعب بعقول الناس، فيدس السم بالعسل، وفق أجندات وأطماع وأهواء، يحزب الناس، ويبغضهم ببعض، ويحاول صناعة فجوة كبيرة بينهم، ليفسد العلاقة والأخوة والروابط والوشائج، يمارس الأكاذيب، ويلفق الروايات، ويصنع البهت، ويخترع القصص، ويزيف الحقائق، يستميت في أن يرى الناس يعيشون الكوارث والويلات والمتاهات والغرق في بحور التطاحن والفوضى، ينشر الفتن، ليزعزع ثبات الناس وأمنهم واستقرارهم، وينغص عليهم حياتهم، ويكدر معيشتهم، يفرح للدمار والهلاك.
الخائن خنجر مسموم يطعن في البطون والنحور والظهور، يحب التباغض والتناحر والتباعد، ويكره التلاحم والترابط، فالكذب غذاؤه، والبهت شرابه، والزيف سلاحه، والحقد عناوين حياته، الخائن لا يقابل الإحسان بالإحسان، بل يقابل الإحسان بالإساءة، والجميل بالنكران، والمعروف بالجحود، لا يقبل اليد التي أحسنت له، بل يمارس عليها العض بأنياب حادة بغيضة، عاق يمارس العقوق بكل صلافة وخسة ودناءة، مغرض يصطف مع الحاقدين والحاسدين، ويتعاضد مع مع الأعداء بكل قوة.
الخائن شديد الوقاحة، يرشق بأحجار الخيانة، له لسان سليط، ويمارس السب والشتم جهاراً نهاراً، موازينه مقلوبة، وعيونه لا ترى سوى السواد والرماد، وبصيرته غير سوية، يرى الباطل حقاً، ويرى الحق باطلاً، إن الخائن لن يفلح أبداً، وهو دائماً في خسران مبين، وتردٍّ مستمر، وسوء حال ومآل، وسيطويه الزمان كخائن عميل مرتزق، وستذروه الرياح، وسيختفي من الوجود، ولن يكون له أثر.