سمر المقرن
في عرفات الله اجتمعت أفئدة المؤمنين، جاؤوا من كل عواصم الدنيا ومدنها وقراها وضواحيها وجبالها وسهوبها ومن كل أعراق البشر وشعوبها، من كل فجّ جاؤوا بالأرواح الظامئة إلى غفران الله ورحماته، واغتسلت النفوس من خطاياها، راجية عفو ربها والفوز بنعيمٍ أعده للمتقين.
الملايين من البشر توافدوا من كل فج، لا فرق بين فرد وآخر في يوم عرفة حيث المساواة تكتمل في أنقى صورها، رمزاً لدين الإسلام ورقيّ مبادئه وقيمه ومعاملاته ومناسكه.
بسلام آمنين، قد اطمأن الحجيج على تأدية نسكهم، وقيامهم بهذا الركن العظيم من أركان دينهم.
وفي عرفات لمعت العيون واغتسلت الأرواح بالدموع الطاهرة، وسط زحام المشاعر الأسمى في حياة المسلمين، فرحاً ونشوة وخضوعاً.. وتهللت الوجوه سكينة وابتهالاً وخشوعاً.
فهنيئاً لهذه الوجوه المستبشرة نعمة أداء هذا النسك العظيم، فإن الله «يباهي بهم إذ يقول للملائكة: ما أرادَ هؤلاء»؟ (حديث شريف)
ولا ننسى تهنئة كل فرد، سواء أكان صغيراً أم كبيراً، موظفاً أم متطوعاً، تشرف بخدمة ضيوف الرحمن في هذا الحج 1444هـ هنيئاً لكم ذلك الشرف الرفيع الذي يسابقنا عليه ملوكنا وقادتنا، ويحسدنا عليه الحاسدون.
لقد أثبتت المملكة العربية السعودية عاماً بعد عام، من خلال نجاحاتها في تنظيم مناسك الحج الأعظم بحشوده المليونية وتحدياته الاستثنائية في العالم كله، أثبتت أنها مثال للمنظومة الإدارية والأمنية البارعة. الآلاف من الموظفين ورجال الأمن والمتطوعين في خدمة ضيوف الرحمن، تعضدهم دولة تستغل كل مواردها وقدراتها الهائلة ليدخلوها بسلام آمنين ويعود كل حاج محملاً بذكريات ملؤها المسرة والدهشة من بلاد أصبحت المسافة متساويةً بينها وبين أعرق العواصم وأسبقها في الحداثة والتقدم في العالم اليوم.