إيمان الدبيّان
انتهى موسم يلامس مشاعر وعقيدة أكثر من ملياري إنسان، ويرقبه مليارات في كل مكان من مختلف الأديان، إنه موسم حج هذا العام 1444هـ الذي أرى أنه الأنجح والأميز لأسباب كثيرة وشواهد وفيرة وتحديات جزيلة وتغيرات جليلة؛ فكنا كما وصفنا الشاعر يوم عيد الأضحى أمام ملهمنا وقدوتنا في طموحنا، في شغفنا وفي تجاوز صعوباتنا:
(سعوديين سادات الزمان ولا علينا سيد
سوى سلمان والشعب السعودي حسبت عياله)
نعم «سادات الزمان وعيال سلمان» بإنجازات يشار لها بالبنان ومنها: تخطيطنا لموسم عادت آلية أعداد الحجاج فيه إلى الوضع الطبيعي بعد انتهاء الجائحة التي عصفت بالعالم ثلاث سنوات متتالية، وبإدارة حشود قاربت المليوني حاج بلغات وثقافات وبيئات مختلفة على مساحة لا تتعدى 33 كيلومتراً مربعاً يتحركون ويتنقلون في وقت واحد من وإلى مكان واحد، عدد كبير ومساحة صغيرة أعرف حجم تحدي مثل هذا النوع من الإدارة وأتذكر محاضرات مواد إدارة الحشود وبحوثها الميدانية خلال دراستي لمرحلة الماجستير لإدارة أعمال الحج والعمرة قبل عامين مضت؛ ولكن جهود دولتنا نجحت فيما تعجز عنه أعظم الدول وبأعداد أقل ومساحات أكبر، ليس هذا وحسب؛ ولكننا نجحنا في إدارة الموسم اقتصادياً في وقت يعاني فيه العالم من أزمة اقتصادية شاملة، ومع هذا وذاك كانت خدماتنا كاملة وبتقنيات عالية يستشعرها الحاج والمعتمر في أمنه وصحته وسياحته وتنقله وتبضعه وتغذيته ومسكنه وعبادته في طوافه وسعيه ورمي جمرته وكل مشعر ينزله، من الفكرة إلى الذكرى فخرجوا بتجربة سعيدة باقية تعاملاً واستقبالاً من جميع المسؤولين والعاملين، وبإشراف مباشر على أرض المشاعر المقدسة من ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- فكان الجميع يعمل بشغف اكتسبناه منه، ويبدع بطموح لمسه فيه، ونثبت نجاح رؤية سعودية بعملنا معه.
موسم حج رائع لم يشعر المواطنون والمقيمون والزائرون بأي تأثير سلبي أو تغيير فعلي رغم وجود هذا العدد الكبير في وقت واحد داخل المملكة العربية السعودية، فالتنقلات الجوية والبحرية والبرية كما هي سائرة، والمواد الاستهلاكية وافرة، والمستشفيات الحكومية والخاصة بواجباتها قائمة في مكة والمدينة وكل مدن المملكة العامرة، والمتابعات الأمنية من حراسة وأمن طرق وطواريء ودفاع مدني كلها على أكمل وجه بادية.
فخورون بكل من عمل موظفاً أو متطوعاً رجلاً أو امرأةً، وسعيدون بخدمة كل من حج مواطناً أو زائراً أو مقيماً، كنّا ومازلنا وسنصير مع ولي العهد أنموذجاً يعمل العالم أجمع على الاقتداء به ومحاولة الوصول إلى بعض مما وصلنا إليه، سائرون نحو أهداف رؤيتنا بقيادة عرابها بلا التفات لنواعق وبلا وقوف أمام عوائق، مخرجاتنا برهان وإنجازاتنا عنوان.
كل موسم حج ووطني وولاة أمرنا بخير وعلو، وعلى قمم التنافس نسمو.