يوسف بن محمد العتيق
هي في مقام جدتي، وإن لم تكن جدتي.
الجوهرة بنت فهد الدويس ارتبط بها جدي (والد أمي) عبدالعزيز بن محمد العتيق بعد وفاة جدتي لأمي زوجته الأولى منيرة السعد السويح وذلك قبل أكثر من ستة عقود.
ارتبط عبدالعزيز بالجوهرة، وعند عبدالعزيز من زوجته الأولى عدة أبناء وبنات: محمد وسليمان ونورة واللولو وحصة.
رحمهم الله، ومتع الله اللولو بالصحة والعافية.
وهنا نحن على موعد مع تحدٍ كبير للجوهرة أن ترتبط برجل لديه هذه العدد من الأبناء وبعضهم في سنها أو قريبا منه.
لكن الجوهرة أصبحت جوهرة في خلقها وسلوكها، فكانت قريبة من هؤلاء الأبناء، بحيث استطاعت أن تكسر حاجز (مرة الأبو) إلى أن تكون قريبة جدا من أبناء زوجها، ليس بشهادة الجوهرة أو زوجها، بل بشهادة أبناء وبنات عبدالعزيز من زوجته الأولى، وهذه شهادة حق يعرفها كل قريب من هذه الأسرة الكبيرة.
تمر الأيام، وتزاد الجوهرة تألقا، ويتزوج أبناء زوجها وترزق بالأبناء، ولا يتغير شيء في المعادلة، الجوهرة تقف لمسافة واحدة من الجميع، ولا تلام لو فضلت أبنائها في شيء على أبناء زوجها، لكننا لم نشاهد ونسمع -والله الشاهد- من ذلك شيئا.
وتمر سنوات ويظهر جيل الأحفاد من أبنائها وأبناء زوجها، (وما أعز من الولد إلا ولد) ولم تتغير الجوهرة، بل بقيت جوهرة تعامل أحفاد ابن زوجها كما تعامل أحفادها.
وبعد ذلك مات زوجها عبدالعزيز بن عتيق، وهذه فرصة لها لو كانت تقوم بما سبق (مجاملة) لزوجها أن تفك الارتباط أو تخففه مع هؤلاء وأولئك الأحفاد، وهم بالعشرات إلا أن الجوهرة (وأقسم بالله) لم تتغير فكانت تقف من الكل المسافة نفسها وبالمشاعر نفسها.
هل تصدقون أنها تسأل عن أحفادها وأحفاد زوجها وتطلبهم بالاسم في المناسبات، وحين تلتقيها تجدها تحتفي بك وكأنك ابنها بمشاعر لا تتردد في أن تقسم بالله أنها صادقة.
واقسم بالله أني رأيتها أكثر من مرة (تبكي) فرحا حين تراك أو تبكي حزنا لمصاب أصابك.
وحين توفيت والدتي حصة بنت عبدالعزيز العتيق قبل قرابة عشر سنوات بكت عليها بكاء وكأنها أمها، وهي بنتها التي خرجت من رحمها، مع أنها (امرأة أبوها)!!
الجوهرة الدويس امرأة قوية وحنونة في الوقت نفسه.
الجوهرة الدويس امرأة من طراز نادر.
حين تجلس معها تجد أنها تذكر الله وتصلي على النبي وتدعو لك أكثر مما تتحدث معك.
الجوهرة الدويس ليس لديها عتب على ذريتها إلا في ما يرضي الله، لكن خطها الأحمر هو الوصل، ونجحت بامتياز في جمع كل أسرتها وأحفادها حولها، حتى في آخر لحظة من حياتها، وهم يجتمعون في منزلها، وحتى ولو لم تشعر بهم، لكن هي التربية.
حرصها على الوصل محل ثناء وإعجاب.
ودعوني أنقل لك شيئا طريفا من واقعها وحرصها على الصلة.
هي زوجة الجد، وأبناؤها أخوالي، فهم شرعا أولى منها بصلة رحمنا لأنهم أخوالنا، لكن نحن والكثير من أبناء زوجها يصلونها أكثر ويأتون لزيارتها والسلام عليها، والزيارة تكون لأجلها.
وربما نتأثر لعدم السلام عليها أكثر من تأثرنا لعدم السؤال عن أخوالنا الذين هم أبناؤها.
أخيرًا: تعبت الجوهرة آخر سنواتها، وكان تعبها في آخر أيام عمرها كبيرا فكانت ليلة عرفة من هذه العام هي آخر ليلة تعيشها في الدنيا، ليصلى عليها في يوم عرفة مودعة الحياة بعد تسعة عقود قضتها، وهي مدرسة، بل جامعة في الذكر والوصل والحنان.
رحم الله جوهرتنا.
وعزاؤنا في جيل كبير وكريم من الأبناء والأحفاد وأبناء الأحفاد في أن يسيروا على هذه الخطى الطيبة، هم كذلك بحول الله.