تجلى للعيان إبان الأزمة الطارئة التي ألقت بظلالها على الكرة الأرضية خلال الإجراءات الاحترازية والتزمت بها كافة الدول أعني أزمة كورونا، والتي كان لها بالغ الأثر في إعادة المجتمعات الإنسانية لترتيب أوراقها والاعتماد على مقدراتها ومدخراتها مما تنتجه ذاتياً أو تستورده من دول أخرى، فمع اشتداد الأزمة وتوقف معظم وسائط النقل والشحن بين الدول وجم على بعضها تصور كئيب فيما لو طال أمد الأزمة وامتدت تبعاتها السلبية من جزم بنقص الكثير من احتياجات الناس على اختلاف أنواعها غذائية أو علاجية أو أدوات ولوازم جودة الحياة في عصرنا الحاضر، رغم أن الدول المنتجة في بدايات الأزمة ترغب بالتصدير، والدول المستهلكة تتطلع إلى الاستيراد. غير أن وطأة الإجراءات الاحترازية كانت تحول دون تحقق هذا التبادل للمصالح بين الدول، ثم ما لبثت بعض الدول المنتجة تفكر بمنع التصدير للكثير مما تتميز به من منتوجات خشية أن يطولها الاحتياج مع امتداد الأزمة وعدم وضوح نهاية لها، ما زاد من تخوف الدول المستهلكة. وإذا تأملنا أن هذا الوضع أثر سلبياً بهذه الدرجة الكبيرة رغم أن السلم العالمي يبسط رداءه على المجتمع البشري، فهذا التقاطع بينهم لم يكن صادراً عن عداوة فيما بينهم وليس ثمة حروب يتعالى أوارها بل كل ما في الأمر أن فايروساً عالمياً انتشر وأربك الجميع. فكيف لو كان الوضع منبثقا عن حروب واسعة في نطاقها ماحقة في أثرها. حتما سيكون الضرر الناجم عنها أشد ضراوة وأنكى جراحاً وأوجع إيلاماً. ولا يخفى على المتأمل في الصراعات والمناكفات بين الدول الكبرى أنها قد تعمد إلى الحرب الجرثومية ونشر الفيروسات التي ما تلبث أن تخرج عن نطاقها الذي خطط لها لتنال حتى من صنعها ومن لم يخطط لإيذائه بها، ما يستوجب تدبيراً طويل الأمد يستجيب للتحديات ويواجه الأزمات ويزرع الحلول مبكراً لتكون ثمارها يانعة مستطابة عند الحاجة القسرية إليها، يحدد فيها الاحتياجات التي لا بد أن نعمل على توفيرها ذاتيا لشحها في الأزمات أو لتحولها لآلية ضغط وسلاح تستخدمها الدول التي تملكها ضد من تنافره. وما هي الأطر المناسبة للتبادل التجاري وبناء الجسور مع الدول التي تملك ما نحتاجه مما يصعب علينا إنتاجه والبحث في البدائل الأنسب في حال تعثر الحصول على الخيارات الأساسية وتحديد ما يناسب الخزن الإستراتيجي وما لا يتسق مع ضوابطه وإعداد سياسة إعلامية ومنهجية اجتماعية ترفعان الوعي الاتهلاكي وسلوكيات التعاطي مع التحديات القاسية والظرف الطارئ والاصطفاف إلى جانب القيادة في إدارة الأزمات كي لا يقع الناس في مأزق المفاجأة فيتناسون الايثار تحت ضغط الأنانية. وتحفيز أرباب العمل وبيوت الأعمال الكبرى للتوجه إلى الصناعات التي تستغني بها الدولة عن سواها أو تخفف من الحاجة الملحة اليها. ولا يخفى على الجميع ما يُقر به الأعداء والخصوم قبل الموالين فيما تمر به مملكتنا الحبيبة من تطور كبير في مواقفها السياسية والاقتصادية والتي أخذت تنحى لبناء علاقاتها وفق ما تقتضيه مصالح المملكة أولاً ونحمد الله الذي أرانا هذه القوة الصامدة في مواقف دولتنا وجميل أن نستثمر ما ولّدته هذه المواقف الحازمة في علاقاتنا الدولية لنعجل ببناء الصناعات الأساسية والتنمية الزراعية المستدامة لنأمن غوائل الطارئات من الفتن ما ظهر منها وما بطن ونحمد الله أن مكونات هذه الاحتياجات متوافرة لدينا بقيادة حكيمة حازمة وكفاءات علمية وعملية ماهرة واقتصاد قوي وجغرافية واسعة وبيئة متنوعة لإنجاح كل متطلبات مجتمعنا ورؤية ثاقبة تسير بثقة وقوة وتكامل إضافة إلى أننا نملك الورقة الرابحة والركيزة الأساس لكل تنمية مستدامة يحتاجها الآخرون وهي الطاقة المكنوزة في أرضنا المباركة، وهذا ما دعاني لتسمية الهيئة المقترحة باسم هيئة التحدي والاستجابة. أي تحدٍ لمن يضادنا واستجابة للتعامل مع ظروفنا واحتياجاتنا. حفظ الله المملكة وطناً آمناً معطاءً وقيادةً حكيمة حازمةً وشعباً وفياً متماسكاً.