د. عبدالعزيز بن صالح العجلان
في حادثة هزت الرأي العام، قامت الشرطة الفرنسية بإطلاق النار على نائل الشاب البالغ من العمر 17 عامًا وذلك بسبب عدم توقفه لرجال الشرطة. وهذا الحادث أثار تساؤلات حول ما الحالات التي تسمح القوانين الفرنسية للشرطة بإطلاق النار؟
بداية ووفقًا للوائح المرور الفرنسية، يحق لرجال الشرطة ايقاف أي مركبة وتفتيشها، وفي حال عدم التوقف يُعتبر ذلك مخالفة، كما يحق للشرطة الفرنسية أيضاً إطلاق النار عندما يتعرضون للخطر على حياتهم أو سلامتهم، أو عند تعرض الأشخاص أو الأماكن التي يحمونها لهجوم.
بعد هجمات باريس الإرهابية وبالتحديد في عام 2017 صدر قانون 1-435 والذي يسمح للشرطة بإطلاق النار عندما لا يتمكنوا من إيقاف شخص يشتبه في أنه «محتمل» أن يشكل تهديدًا لحياتهم أو سلامتهم أو سلامة الآخرين.
تعتبر المنظمات الحقوقية أن هذا القانون قد قدم تعريفًا واسعاً جداً لاستخدام الأسلحة النارية من قبل الضباط. واعتبر هنري لوكليرك، الرئيس الفخري لرابطة حقوق الإنسان الفرنسية، أن القانون قد تم «تفسيره على أنه ترخيص للقتل».
وفي دراسة أجراها باحثون فرنسيون أظهرت أن حوادث إطلاق النار على السائقين من قبل الشرطة زادت بخمسة أضعاف منذ صدور قانون 1-435 . وأكدوا أن هذا القانون قد وضع حياة المواطنين في خطر أكبر.
من الواضح أن هناك حاجة لإعادة التقييم والتعديل على القوانين المتعلقة باستخدام القوة من قبل الشرطة. يجب أن يتم تحقيق توازن ملائم بين الأمن وحقوق الأفراد. يجب على الحكومة الفرنسية أن تأخذ هذه المخاوف على محمل الجد وتعمل على ضمان أن يكون استخدام القوة من قبل الشرطة قائماً على الضرورة والشرعية فقط.
إن المبادئ الأساسية للقانون والعدالة يجب أن تستوجب حماية الأرواح وضمان سلامة المجتمع بشكل عام. وبالتالي، يجب على السلطات الفرنسية أن تبذل قصارى جهدها لتحقيق التوازن المطلوب بين الأمن وحقوق الفرد، وذلك من خلال إصلاحات تشمل تدريب الشرطة والمراقبة المستمرة والمساءلة الفعالة لضمان أن تظل قوات الشرطة تعمل في خدمة المجتمع بأمان وعدالة.
يتوجب على الحكومة الفرنسية أن تعتمد نهجاً شفافًا ومبنياً على القانون للتعامل مع هذه المسألة الحساسة. إن استعادة الثقة بين الشرطة والمجتمع أمر ضروري لضمان الأمن والاستقرار. ولذا، يجب أن تعمل السلطات الفرنسية على تعزيز الشفافية والمساءلة لإعادة بناء هذه الثقة المهمة.
إن الحفاظ على حقوق الأفراد وسلامتهم هو أمر لا يمكن الاستغناء عنه، ويجب أن يكون هدفًا أسمى لأي نظام قانوني وأمني. يجب أن يتحمل القادة المسؤولية للعمل على إصلاح النظام وضمان أن يتم استخدام القوة بشكل مشروع وفقاً للمعايير الدولية والحقوق الأساسية للإنسان. عندئذ يمكن أن يكون النظام الأمني فعالاً ومحترماً، ويتسم بالعدل والتسامح والمساواة.