قال الله تعالى في سورة الحج: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}
تردّدت كثيراً وشاعت وذاعت جملة «بكلّ يسرٍ وسهولة» في وسائل الإعلام المحلّية والقنوات الفضائية العربية خلال موسم حج هذا العام 1444 هجرية, في إشارة إلى الخدمات الإنسانية والأنظمة التقنيّة والاستعدادات الأمنية والإجراءات الصحية التي وضعتها ووفّرتها الجهات المعنية في حكومة المملكة العربية السعودية وأسهمت في تنسيق وتضافر الجهود المبذولة من مختلف القطاعات الحكومية المشاركة لجعل فريضة الحج لهذا العام يسيرة وسهلة على جميع الحجاج الذين جاؤوا من كل أنحاء العالم لأداء الحج في أجواء من الأمن والطمأنينة بفضل الله ثم بفضل ما وفرته وبذلته حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز من إمكانات هائلة وجهود عظيمة أبهرت العالم بحسن الاستقبال ودقة التنظيم وسرعة التنفيذ وإدارة الحشود المليونية في المشاعر المقدّسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة.
ولذلك نفهم أن كلمة «بكل يسرٍ وسهولة» تعني في هذا السياق قيام حكومة المملكة العربية السعودية بتوجيهات من القيادة العليا بتوفير كل الخدمات وتذليل كافة الصعوبات وتخفيف ما قد يعانيه الحجاج من متاعب نتيجة للزحام وارتفاع درجة حرارة الطقس والتنقل بين المشاعر المقدّسة بدءاً من القدوم إلى مشعر منى ثم الانتقال إلى مشعر عرفة فالعودة مرة أخرى للمبيت في مزدلفة, ورمي جمرة العقبة الكبرى, فالتوجه بعد ذلك إلى المسجد الحرام لطواف الإفاضة, ثم العودة إلى منى لإكمال رمي الجمرات, وأخيراً أداء الحجاج لطواف الوداع, ثم انتقال بعضٍ منهم إلى المدينة المنورة لزيارة المسجد النبوي ثم مغادرتهم بعد انتهاء الحج إلى بلدانهم بكل يسرٍ وسهولة.
لقد بذلت سواعد الأبطال في القطاعات الأمنية بإشراف مباشر من سمو وزير الداخلية, وكذلك الكفاءات الوطنية في المرافق الصحية وغيرها من بقية عناصر منظومة العمل الجماعي المشترك في بلادنا من الجهود الكبيرة ما جعل ضيوف الرحمن يعربون عن رضاهم التام وسعادتهم بمستوى الخدمات التي قُدمت لهم, وبالرعاية والمتابعة التي أولتهم إيّاها كل القطاعات الحكومية المتواجدة لتنفيذ توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين محمد بن سلمان بن عبدالعزيز حفظهما الله, الأمر الذي جعل من كلمة «بكل يسرٍ وسهولة» تنطلق ملء أفواه الحجيج والمعتمرين, ويتردّد صداها عبر كل الوسائل الإعلامية والمنصّات الرقمية ومحطّات البث الإذاعية والتلفزيونية في كل أرجاء العالم.
«بكل يسرٍ وسهولة» ليست جملة غريبة أو جديدة, إذ أنها تتكرّر سنوياً ونسمعها حين توافد الحجاج وخلال نقل مراسلي وكالات الأنباء للتقارير الإخبارية, وخلال بث القنوات التلفزيونية المختلفة لمشاهد انسيابية وصول ودخول الحجاج لصالات السفر في المطارات وتوافدهم إلى المشاعر المقدّسة ثم نقلهم في حافلات وقطارات أعدّت مسبقاً لهذه الأعداد الغفيرة من قاصدي مكة المكرمة والمشاعر المقدّسة في المملكة العربية السعودية العظمى.
لقد أصبحت رحلة الحج يسيرة وسهلة بفضل ما هيّأته القيادة السعودية للحج وما أولته للحجاج من رعاية واهتمام يتمثّل في تقديم الخدمات الإنسانية وتوفير المواد الغذائية وتطبيق الإجراءات الطبية اللازمة لضيوف الرحمن ناهيك عن توفير الدولة السعودية لوسائل النقل المريحة وكذلك السكن المجهّز بكل وسائل الراحة والأمان. ولذلك فإن رحلة الحج اليوم تُعدّ رحلة سياحية دينية آمنة وهادئة نظراً لما يتوفر لدى المملكة من إمكانات بشرية ومادية قادرة على استيعاب أرقام كبيرة جداً من الحجّاج منذ القدوم إلى البقاع الطاهرة وحتى المغادرة إلى بلدانهم بكل يسرٍ وسهولة.
لقد شرّف الله بلادنا بقدسية الحرمين الشريفين وأكرم قادتها وشعبها بشرف استضافة ورعاية ضيوف الرحمن من كل أصقاع الأرض لتتبوأ بذلك مكانة إسلامية رفيعة جعلتها مهوى أفئدة المسلمين عبر كل العصور والأزمنة.. فشكراً جزيلاً لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين, وشكراً لمنسوبي القطاعات الحكومية المشاركة, وشكراً لكل من ساهم وشارك في أعمال الحج لأجل مساعدة الحجّاج على أداء شعائرهم الدينية «بكل يسرٍ وسهولة», والحمد لله الذي أكرم بلاد الحرمين بأن اختارها مهبطاً للوحي وقبلةً للمسلمين ومكاناً مقدّساً للطائفين بالبيت العتيق والمكبّرين على صعيد عرفات.
ومما قاله أحمد شوقي في وصفه لمشهد الحجّاج في الأماكن المقدسة:
إِلى عَرَفاتِ اللَهِ يا خَيرَ زائِرٍ
عَلَيكَ سَلامُ اللهِ في عَرَفاتِ
أَرى الناسَ أَصنافًا وَمِن كُلِّ بُقعَةٍ
إِلَيكَ انتَهَوا مِن غُربَةٍ وَشَتاتِ
تَساوَوا فَلا الأَنسابُ فيها تَفاوُتٌ
لَدَيكَ وَلا الأَقدارُ مُختَلِفاتِ