عبد الله سليمان الطليان
من خلال إيقاع الحياة السريع التي نعيشها في حاضرنا والتقدم الكبير الذي نشهده وانغماس غالبية الناس في أعمالهم بشكل آلي وروتيني يومي مع هذا الالتزام الصارم في بعضه يحصل هناك خلل يصيب الدماغ، من ناحية الانتباه الذي يعتبر هو الأساس في أدمغتنا.
يقول الفيلسوف الإسباني خوسيه اورتيغا وجاسيت إن الانتباه هو ( الوظيفة المكلفة بإعطاء العقل هيكله وتماسكه ) إن الدماغ هو أعجوبة الهندسة البيولوجية العصبية، إلا أنه لا يمكنه تحمل كم هائل من المعلومات حيث تصل إلى 90 ضعفاً مع 82 ساعة عمل و69 في المائة من ساعات الاستيقاظ،كل هذا يؤدي إلى انخفاض التركيز لدينا بعد فترة ما بين 90 - 120 دقيقة، فتعدد المهام يوجد تأثير (عنق الزجاجة) وانسداد المعلومات من جزء من الدماغ إلى جزء آخر، ننخرط في أحلام اليقظة بنسبة 47في المائة من الوقت ولايمكن مواكبة مطالب الانتباه.
ينشأ الانتباه وأحلام اليقظة من النشاط بين شبكتي دماغ، تندمج في شبكة تحكم تنفيذه ( ECN) توجه نشاط مناطق الدماغ المختلفة لإكمال مهمة معينة. وأثناء الاستراحة تقوم شبكة الوضع الافتراضي (DMN) بغلق نشاط الدماغ وإعطائه استراحة ذهنية. تعتبر شبكة (DMN) هي الأساس الذي تبنى عليه عمليات الهروب اللطيفة إلى الماضي أو إلى المستقبل، والرحلات الخيالية الواسعة إلى حبكات الكتب أو الأفلام، وحتى التلاعب بالمناورات الأخلاقية من الناحية المثالية، كل هذا يحصل في تضاد بين هاتين الشبكتين، يوجد حالات عقلية متناغمة مرتبطة بزيادة الإبداع واليقظة والرفاهية النفسية.
هناك من لا يوجد لديه انسجام الذي جدول أعماله مزدحم، ومتطلبات أسرية كثيرة، مضافاً إليها الأخبار السلبية وإدمان وسائل التواصل الاجتماعي التي تؤدي إلى تدمير الانتباه، والإخلال بالتوازن الدقيق بين (ECN) و(DMN) والتي تبقينا حالة دائمة من الإلهاء، وهي ليست ضارة على المستوى الشخصي فحسب بل إنها مدمرة للمجتمع، من خلال ظاهرة تسمى التحيز الانتباهي الذي يتأثر بعوامل بيئة مختارة، مثال ذلك أن يستعمل لرفع مستويات الخوف عن طريق قصف شخص بمحفزات تهديد، مثل دعاية مخيفة التي تجعل من هذا تأثيراً في تحيز الضمنية اللاواعية يؤدي إلى النفور من مجموعات الناس.
في كتابه (الكسل غير موجود) يكتب عالم النفس الاجتماعي ديفون برايس عن الإرهاق، ويشرح أن الكسل ليس عجزاً أو شيئاً نحتاج لعلاجه أو التغلب عليه بالكافيين أو بالعمل لساعات أطول، لكنه في الواقع علامة على أنه من الواجب علينا أن نتباطأ، من أجل إيجاد توازن مناسب بين (DMNوECN), ولهذا علينا إيجاد إيقاع جديد في إعادة اتصالنا بحواسنا، وانفصالنا العميق جداً عن العالم الطبيعي من حولنا، ثبت أن المشي في الطبيعة يقلل من ضغط الدم ويزيد من الاسترخاء، وانخفاض النشاط العصبي في مناطق الدماغ المرتبط بخطر الإصابة بأمراض عقلية وكذلك استعادة قدرتنا على التركيز والانتباه.