د.عبدالله بن موسى الطاير
ردم الفجوة بين المملكة والإعلام الغربي مهمة شبه مستحيلة، فالموقف من السعودية يستدعي ماضياً مقيتاً مستقراً في عمق الثقافة الغربية. كتب المواطن الأمريكي إيدوارد كونواي في إجابة عن سؤال: لماذا يتم تصوير السعودية بشكل سيئ في وسائل الإعلام الغربية؟ فأجاب ما معناه: إن مملكة قوية كالسعودية يحكمها ملك، ومتصلة بدين مهم كالإسلام الذي ترسخ في ذهنية الغرب النظر إليه بسوء، هو السبب، بينما الثقافة العربية والإسلامية ترى عكس ذلك؛ فإن اجتماع الملك والدين يعني الاستقرار، والسلام، وضبط النفس، والعدالة.
الخبر السار هو أن أولئك الكتاب مشهورون في المجالس العربية أكثر منهم في البلدان التي ينشرون منها، والخبر الأسعد أن عامة الناس لا يشاركونهم الرأي. كتبت سمانثا سميث، تلك المرأة الغربية التي عاشت في المملكة 12 عاماً، زوجة وأما، في إجابتها عن السؤال السابق: إن وسائل الإعلام الغربية منحازة للغاية لدرجة أنها لن تنشر إلا أسوأ الأخبار أو الأكاذيب الصريحة، وأنها لم تقرأ أبدًا شيئاً جيداً في وسائل الإعلام الغربية عن المملكة. وسخرت من الأشخاص الذين لم يسبق لهم زيارة السعودية أو حتى لقاء السعوديين ثم أصبحوا فجأة «خبراء» في شؤونها متتلمذين على محتوى إعلامي منحاز. وتضيف: الخير والشر مزيج في أي بلد، لكن قلة قليلة تتحدث عن خير السعودية. عاشت سمانثا في أمريكا وإنجلترا وفرنسا والسعودية، ووجدت الحياة الأكثر سلامًا وأمانًا لها ولأولادها في السعودية؛ فأطفالها كما كتبت يلعبون في الخارج ولم تقلق أبدا من قيام شخص ما بخطفهم وقتلهم، وتواصل: نمنا وأبوابنا مفتوحة عدة مرات، ويمكن أن تبقى خارج البيت إلى وقت متأخر من الليل دون خوف، وليس في السعودية سفاحون، وقتلة أطفال، ولا يتفشى فيها الاعتداء الجنسي على الأطفال، ولا ينتهي غضب الطرقات بالقتل.
وتصف سمانثا الشعب السعودي بأنهم مسالمون، طيبون، مهتمون، عطوفون وكريمون، يبذلون قصارى جهدهم لمساعدة المحتاج، ويتمتعون بروح الدعابة، ويحبون الضحك والمزاح، وإذا سألت عن الاتجاهات، فمن المحتمل أن يأخذك السعودي إلى حيث تحاول أن تذهب، حتى لو كان يسير في الاتجاه المعاكس.
المطلقة في السعودية بحسب سمانثا لا تربي أطفالها بمفردها، فلديها كل الدعم العاطفي والمالي الذي تحتاجه من أسرتها، ولا يتم إرسال كبار السن إلى دور رعاية المسنين، ولا يُنظر إليهم أبدًا على أنهم أعباء. وتحاجج سمانثا بأن الخدمات الاجتماعية مذهلة؛ فالتعليم مجاني في الداخل والخارج والصحة مجانية بما فيها الإرسال للخارج للعلاج. وشهدت سمانثا بأن النساء بشكل عام لسن الأسيرات المحزنات كما يصورهن الإعلام الغربي؛ إنهن يكتسبن المزيد والمزيد من الحريات كل يوم.
وتعتبر أن التغييرات التي مرت وتمر بها السعودية تفوق الخيال. ومع ذلك، يتوقع الإعلام الغربي أن يتغير كل شيء بين عشية وضحاها، متناسين أن السعودية قبل كل شيء دولة إسلامية، ولن تصبح أبدًا غربية، فهي حامية أقدس مدينتين في الإسلام.
من جانبه رد البريطاني توني سابور، عن سؤال: ما هو البلد الأكثر سوءا من السعودية؟ بقوله: إذا كانت كلمة «أسوأ» تعني الجريمة، فإن أمريكا بالتأكيد أسوأ في مؤشر الجريمة، وإذا كان المقصود الأمان فإن السعودية أكثر أمانًا من أمريكا؛ من المرجح إطلاق النار عليك في أمريكا أكثر بـ123 مرة من السعودية، وأن تتعرض للسطو أكثر بـ500 مرة من السعودية، كما أنه يقتل في أمريكا 5.35 من كل مئة ألف مقابل 1.5 في السعودية. وإذا كان للسوء علاقة بالأخلاق فقد قتلت أمريكا عشرات الملايين في جميع أنحاء العالم في السبعين عامًا الماضية، لكن بينما ألقت أمريكا القنابل على الأبرياء من أجل المصالح الجيوسياسية، فإن أولئك الذين أعدموا على يد السعوديين كانوا مجرمين مدانين بجرائمهم. وإذا كانت كلمة «أسوأ» تعني السجلات التاريخية والأفعال السابقة، فقد عاش السعوديون في صحرائهم لمدة 3000 عام كشعب فخور ومستقل، في حين بنى الأمريكيون بلادهم على الإبادة المنهجية للهنود الحمر الأصليين وعلى استعباد الأفارقة السود.
لا ينبغي أن نقلق من العداء المتأصل في الإعلام الغربي تجاه المملكة، وليس من المنطق توقع تحول العلاقة إلى الود معه، فهو يحتكم إلى مرجعية ذات فرضيات مختلفة. لكن فتح المملكة للسياحة والزيارة، وتسخير الإعلام الجديد للوصول إلى الرأي العام الغربي كفيل- مع الوقت والجهد- بزعزعة الوصاية المضللة.