د.عوض بن إبراهيم ابن عقل العنزي
القِرَاءَةُ فِي كُتُبِ البَلَاغِةِ تُقَسِّي القَلْبَ؛ لأنَّ كَثِيْرًا مِنْ مَبَاحِثِهَا قَدْ الْتَبَسَ بِبَلَاغَةِ المُتَكَلِّمِينَ؛ حَتَّى إنَّكَ لا تَظْفَرُ بَعْدَ طُولِ عَنَاءٍ بِـــــ كَيْفَ فَهِمَ العَرَبُ كِتَابَ اللهِ تَعَالَى، وَلا تَجِدُ فِيهَا سَبِيْلَكَ إلَى زِيَادَةِ الإِيْمَانِ بِكَلَامِ اللهِ تَعَالَى إِلَّا إِذَا تَحَقَّقَ فِيْكَ أُمُوْرٌ سِتَّةٌ:أَوَّلُهَا تَوْفِيقُ اللهِ تَعَالَى لَكَ بِتَصْفِيَةِ قَلْبِكَ وَتَطْهِيْرِهِ مِنَ التَّعلُّقِ بِالحَيَاةِ الدُّنِيَا؛ لِأنَّ القَلْبَ اللَّاهِي لَا يُدْرِكُ الحَقَائِقَ حَتَّى يَكُونَ فِيهِ تَعْظِيْمُ اللهِ تَعَالَى وَتَعْظِيمُ كَلَامِهِ.
ثَانِيهَا تَوْفِيقُ اللهِ تَعَالَى لَكَ بِتَمْكِيْنِكَ مِنْ تِلَاوَةِ كَلَامِهِ تَعَالَى كُلَّ أُسْبُوعٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا هُوَ مَحْدُودٌ فِي سُنَّةِ النَّبِيِّ .
ثَالِثُهَا تَوْفِيقُ اللهِ تَعَالَى لَكَ بِقِرَاءَةِ وِرْدٍ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ تَقْرَأُهُ؛ لِتُعَايِشَ فيه كَلَامَ النَّبِيِّ وَكَلَامَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم.رَابِعُهَا تَوْفِيقُ اللهِ تَعَالَى لَكَ بِاشْتِغَالِكَ فِي عِلْمِ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ؛ لِتَضْبِطَ بَصَرَكَ، وَتُقَوِّيْ بَصِيْرَتَكَ.خَامِسُهَا عِنَايَتُكَ بِفَهْمِ عِلْمِ النَّحْوِ مِنْ كُتُبِ المُتَقَدِّمِينَ قَبْلَ انْتِشَارِ الفَلْسَفَةِ وَدُخُولِ المَنْطِقِ فِي عَرْضِ مَسَائِلِهِ.آخِرُهَا تَوْفِيقُ اللهِ تَعَالَى لَكَ بِكَثْرَةِ ذِكْرِهِ تَعَالَى عَلَى الوَجْهِ الذِي يُرْضِيهِ عَنْكَ؛ فَإِنَّ كَشْفَ اللهِ تَعَالَى لَكَ عَنْ بَعْضِ وُجُوهِ البَيَانِ فِي كِتَابِهِ فَضْلٌ مِنْ اللهِ وَنِعْمَةٌ، وَنُوْرُ اللهِ تَعَالَى كَمَا لَا يُؤْتَاهُ عَاصٍ، فَكَذَلِكَ لَا يُؤْتَاهُ لَاهٍ عَنْ تَعْظِيمِ كَلَامِهِ، وَلَا مُشْغُولٌ بِدُنْيَا أَوْ دَنَايَا، أَوْ قَلْبٌ خَالَطَتْهُ إِحَنٌ وَبَلَايَا، وَاللهُ المُسْتَعَانُ.