مها محمد الشريف
التغيير قاعدة ثابتة في حياة البشر على مر الأزمان، فاحتياجات البشر وزيادة عددهم تستوجب الابتكار والاختراع وزيادة الإنتاج وكل ذلك لن يحدث دون تغيير بالسلوكيات والأفكار، ففي عصرنا الحالي يعد محور التكنولوجيا والتقدم العلمي والأبحاث الطبية أكثر التغيرات التي طورت العالم بما يتناسب مع التوجهات والمنافسة الدولية لتحسين جودة الحياة وتوليد الوظائف بطرق عديدة وصناعات مبتكرة ويندرج كل ذلك ضمن الرؤية والرغبة بالتغيير.
هناك تطور التعليم والمعرفة، وانتشار الأفكار وقوة تكنولوجيا المعلومات ووسائل الاتصال الحديثة، واستخدام أدوات تقنية وعلمية فاعلة لتقريب البشر من ثقافات بعضهم البعض، فهناك أمور أحدثت انقلاباً كبيراً في حياة البشر ونقلته من الاعتماد على العمل اليدوي إلى الآلة ومن ثم إلى الذكاء الاصطناعي وعصر الروبوت الذي ينافس الإنسان فيما يفعل، بطرق أكثر فاعلية مما جعله يتقبل عصرا جديدا وافتراضات كبيرة جداً، لتصبح الحياة أكثر مرونة، وتحولاً كبيراً في السلوك، رغم العديد من التحديات.
وهذا التحرك الدولي السريع للتطوير والتحول من مسار لآخر أكثر تقدماً سرعان ما نشر ثقافة التغيير في جل الدول بالعالم الثالث تحديداً، وعزز أهمية الإحساس بضرورته، ويؤهل لوضع أفضل للانطلاق في عالم من الاختراعات العلمية الحديثة التي يلاحقها التطور ويجعلها تسابق الزمن، في منافسة غير مقيدة أو محكومة بعامل محدد.
ودخلت في مجال التغيير الأحداث السياسية فما زالت الحروب والنزاعات المسلحة، والصراعات تتصدر قائمة الوقائع وتركت آثاراً عميقة وجروح غائرة في حياة الشعوب المنكوبة وكل ذلك لأجل مكاسب ومصالح ضيقة، فلقد عرفت البشرية منذ قرون سجال بين السلام والحرب في ظل أزمات سياسية، منها حربان عالميتان، غيرتا العالم.
بشكل عام، هناك خطأ جسيم تغيرت على إثره التحالفات ومراحل غاية في الأهمية من حياة الإنسان جعلته يخشى من القوى المحركة للعبة السياسة والدوافع السرية لكل حرب، فلابد أن يكون هناك عمل حقيقي نحو اتفاق عالمي جديد يحترم المعاهدات والتحالفات، ولكن كثير من الشواهد والوقائع تقول أن تطورات المستجدات العالمية، تؤكد أن الصراع يزداد حدة بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي من جانب، وكل من الصين وروسيا من جانب آخر، وهو النظام العالمي الذي تريد واشنطن تعزيزه.
وتعمل بكين وموسكو على تغييره، فكيف نتوقع أن البشرية جمعاء تلتقي ذات يوم على مصلحة واحدة وهدف واحد؟، في ظل التغيير الكبير وشرطه الضروري إلغاء العداوة والتناقضات، فهل يمكن القول أن العداوة السياسية لا تترك مجالاً لا في المفهوم ولا في الواقع؟، وكل قوة سياسية تريد أن تمحق قوة أخرى منافسة لها باختصار هناك أشكال متعددة للعدوان وتحولات مهمة سياسية واقتصادية سوف تخلق واقعاً عالمياً جديداً، يقع كل ذلك ضمن متغيرات على هامش التحول لنظام عالمي جديد.