عبدالمحسن بن علي المطلق
والتوقّف عن الابتكار، بدءًا أحب إجلاءً بين مفردتي الاكتشاف والاختراع، والتي تقارب شعرة لا يتبصّرها عدا من جال بذهنه تقصيًّا لأحد تلكما، ووعى أكثر ما يماسّ الأجواء.. تلك، وإلا فقلما من يفرّق بينهما
فمن الأولى نجده بقوله صلى الله عليه وسلم: (ما أنزل الله عز وجل داءً، إلا أنزل له دواءً، علمه من علمه، وجهله من جهله) رواه الترمذي وابن حبان والحاكم -رحمهم الله- أي أنه موجود لكنه بحاجة لمن يخرجه، فيما الاختراع قائمة قوائمه على شيء من التجميع لنأخذ (أديسون) -مثلًا- واختراعه للمصباح الكهربائي (.. من تجميع قام به)
المادة:
العالم يصل إلى نقطة فيكررها، أي لا يبتكر بهذا المجال أو ذاك جديدًا (ربما يزيد بشيء من التحديث، التطوير، علاج المشكلات ..إلخ)، ولعل الذكاء الاصطناعي مدد من تلكم عوالم التطبيقات، فاليوتيوب - على سبيل المثال- يرشّح لك أيًّا تقرأ من أجواء بحثك ما يقارب مطلبك.
لكن يقف الإبداع بهذه الوجهة تتوقّف..
وللتقريب أنه وبعد اليوتيوب الذي سحب من الدشّ ثورته والذي هو من قبل سلب من الفيديو عالمه البهيج.. ذاك، لأنه بقي فترة ليست بوجيزةٍ يغرّد بالسرب وحده لتتوسّع دائرة التطبيقات حتى أسدل «تويتر» بالتقريب على كل تلكم التطبيقات، حين ((جمع)) في بوتقته فاضطلع بما لا يتوقّع.
لتلك المرتبة، على أنه يبقى لقوقل - قياسًا -.. ما للمؤلّف من حقوق النشر.. أنه (هو سيّد ذاك العالم) الافتراضي - كذا يُوصف-
واليوم دخل فيسبوك بتطبيق (Threads)
حسب خبر في صحيفة الجزيرة العدد 18369، وتحت عنوان «فيسبوك تُطلق منافسًا لتويتر..»، الذي بالمناسبة بلغ هذا التطبيق وحتى تاريخ تحبيري المادة 23 مليون مشترك بالعالم- والتطبيق كما في طيّ الخبر لا تعدو أجواؤه من مُحاكاة صنيع العلامة الزرقاء -تويتر- (ربما ببعض تحسينات) ولا غرو، فكل جديد يتدارك عيوب ما قبله، لكنه بقي على ذات الوتيرة.
ولا أظن حسب (توقعي) أنه سيسحب من تويتر مكانته على الأقل في المدى المنظور، إلا إن صحب- التطبيق- إغراءات هي خلاف المعتاد من التحسينات التي قد تُضفي على ما سبق من دوافع تجعل القوم يهبّون تلقائه، أي على هذا النمط ستبقى للركيزة الأولى مجدًا تستبطر به على ألق المستفيد.. عهدًا، مالم يُحدث هذا القادم ثورة تأطر إليه أعنّة القوم، وأقصد اهتمامها وحظوة خاصة بها وأزيدكم مثالًا ليتضح مرادي الطائرة وبعد أن بلغت أوجّها توقفت على موديل الجانبو- ومن يصنع إلا ويحاكيها، وإن شذّت الكنكورد.. التي توقفت قبل سنوات بعد أن اكتشفت أن التشغيل كلفته أعلا من العائد..، ولا شك فلا تجد عاقلًا يضع بالسنارة ما هو أغلا من السمك.
وهنا وهو مثال ليس أخيرًا لكنه ظاهر وعند أهل صنعة القريض شاهر، وكأن شبه اتفاق عليه بين الأدباء- قياسًا- أن الشاعر لا يقول ( يبدع) إلا بقصيدة واحدة فيما يبقى باقي عطائه إما يدور بفلك تلك القصيدة، أو يضفي ببعض نتوءات ما يظهر من جمال صياغة بقصائده الأخرى.. والتي تبقى كلًّا على تلك القصيدة، مهما ماد الشاعر في عوالم تفتيق المعاني..
ولا نذهب بعيدًا فمن قرأ لشاعر ما.. بعض قصائد ثم ألفى قطعة ليس عليها توقيع، لكن نمط نسجها محاكٍ لقصائد ذاك الشاعر فتلقائيًّا سوف ينسبها له..، هل وصلت فكرتي؟
آمل هذا، ففطنة القارئ أعلا من أن أُقشر عن عصى ما سطرته.