سهوب بغدادي
بالإشارة إلى مقال سابق لي خلال العام الماضي تحت عنوان «طلب عودة لاجئ» بتاريخ الجمعة/ السبت 05 أغسطس 2022 أشرت إلى «وجود منصة مختصة أو منبثقة من أبشر يتقدم من خلالها اللاجئون بعرض حالاتهم قبل اللجوء والتوقف على كل حالة على حدة وتقييمها، ومن ثم إعادتهم إلى أرضهم مع إعادة تأهيلهم في مركز مختص لمدة تتوافق مع مدة اللجوء نفسيًّا وثقافيًّا ومهنيًّا، فقد يكون الشخص يريد أن يشعر بالأمان والحماية مثل (وسام) فتقدم الدولة ما يلزم للحالة على حسب احتياجها، وليس بالأمر المستغرب أو المستحيل على المملكة فلها الفضل على الجميع», ويأتي هذا الاقتراح نظرًا لنشوء ظاهرة طلب اللجوء خلال السنوات الماضية وهي ظاهرة سلبية في مجتمعنا، إذ تمثلت في طلب الشابات اللجوء في دول الغرب، وتقديم مزاعم عديدة من أبرزها الإلحاد أو الارتداد عن الدين الإسلامي، أو الاضطهاد والعنف الأسري، و»تقليعة» الآونة الأخيرة وهي «المثلية والشذوذ»، وقد تكون هذه الحجج واهية في الأغلبية العظمى من الحالات وغير صحيحة، باعتبار أن الطريقة الوحيدة التي تلتفت الدولة الغربية لطالب اللجوء -في خضم النكبات والحروب التي غزت العالم وألزمتها باستضافة اللاجئين المهجرين من بلادهم غصبًا- أن يتقدم الشخص بحجة قوية جدًّا تدور في إطار تعرض حياته للتهديد والخطر، بغض النظر عن كون أغلب حالات اللجوء بعد توالي السنوات قد أثبتت فشلها، فمنهم من شوهد مشردًا في شوارع بلاد الحريات، والبعض الآخر ينصدم من مرارة الواقع فالغرب ليس كما يصور لنا في الأفلام الحالمة والمثيرة، كما لجأ بعض اللاجئين بعد لجوئهم إلى قتل النفس والانتحار -والعياذ الله- فهل هذه الحياة التي يصبو إليها الشخص؟ خاصةً وأن هذه الفترة ليست بالسهلة لا اقتصاديًّا أوسياسيًّا عقب سلسلة من التداعيات التي خيمت على الدول الغربية، كفيروس كورونا وانهيار اقتصادات دول ووصولها إلى سياسات التقشف والاقتصاد والترشيد، كما فرضت الحرب الروسية الأوكرانية على دول الاتحاد الأوروبي وما جاورها وأبعد قيودًا وتحديات يواجهها المواطن الأصلي في بلاده، بعد اتخاذ رؤساء هذه الدول إجراءات صارمة كفرض الضرائب أو رفعها، وتحديد سقف استخدام الخدمات الأساسية كالغاز والتدفئة وغيرها، الأمر الذي نتج عنه تعالي أصوات الشارع في دول عديدة غربية، وتفشي ظاهرة المظاهرات التي كما نشهد اليوم في الأخبار من انتشار الحرائق وانعدام الأمن والسرقات ولاعتداءات- حمانا الله وإياكم - اللجوء إلى دول الغرب ليس «رحلة سياحية» أو حياة مرفهة، لذا رأينا زوج الست بعد أن تمادت وتخطت الحدود وأساءت للأسف بكبرياء لوطن ورموز ونست الفضل الممتد لثرى بلاد لن تجد ما يضاهيها، ستندم الست ولكن ليس الآن، بل بعد أقل من سنة عندما ترى الفرصة الضائعة التي خسرتها بيديها وكسبها زوجها في لحظة وعي وإدراك، التي كانت كفيلة بعمر جديد من الأمان والأمن، على الرغم من كل المخاوف التي تدور في بال وخاطر اللاجئ إلا أن المملكة معروفة بأياديها البيضاء والإحسان للغريب فكيف بالقريب؟ حكموا قلوبكم وعقولكم لأجل الوطن وعودوا آمنين، إن الاستمرار على الخطأ مع العلم أنه خطأ من أوجه الإنكار فلا تنتقل من المرحلة هذه وهي في البدايات إلى مراحل متقدمة من الاستكبار وتصبح أداة وكرتًا محروقًا وخاسرًا في أيدي الآخرين.