د. سامي بن عبدالله الدبيخي
معالي الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله- وضّح في كتابه «حياة في الإدارة» أن الملك عبدالعزيز -تغمده الله بواسع رحمته- اتخذ برؤيته الشخصية قرار إنشاء الخط الحديدي الدمام - الرياض رغم تردد أرامكو، ولكن إصرار الملك لم يترك لها مجالاً.
كما وضح القصيبي رأي خبراء مشروع الخطة الخمسية الثانية المتضمن عدم توسعة شبكة سكك الحديد «لأنها من الناحية الاقتصادية معدومة الجدوى».
وأن رؤيته كمدير عام للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية توافقت مع رأي خبراء الخطة الخمسية الثانية بعدم التوسع بتنفيذ شبكة سكك الحديد في مناطق المملكة ومحافظاتها، رغم الطفرة الاقتصادية الكبيرة التي شهدتها المملكة بفضل الله آنذاك، والتي استشعرها المدير الذي سبقه/ عمر فقيه -رحمه الله- عندما أنجز دراسة عالمية استشرافية للمستقبل متفائلة تنص على التوسع والتطوير الشامل لشبكة سكك الحديد، وهي نفس الدراسة التي وجه القصيبي لاحقاً الاستشاري بالاكتفاء بالنظر للمدى القصير وحسب الواقع الذي يراه أمامه وليس كما يتمنى رؤيته، لأن قناعته كانت أن المدى الطويل مغطى بضباب الغموض.
وإذا بالأيام تدور ويثبت حاجة المملكة لمشاريع توسعة شبكة الخطوط الحديدية وجدوى التوسعة -كما رآها عمر فقيه- رغم تفويت فرصة تنفيذها خلال فترة الطفرة- لذا تم طرح عدد من المشاريع منذ (16) سنة بنموذج التخصيص بالشراكة مع القطاع الخاص كالجسر البري (الجبيل- الدمام - الرياض- جدة) وقطار الحرمين (المدينة- جدة- مكة)، مع عدم تنفيذ القطاع الخاص لها لاحقاً بنموذج التخصيص بالشراكة، مما اضطر الدولة للتدخل وتنفيذ قطار الحرمين العملاق لإنقاذ الموقف واستمرار عجلة التنمية وخدمة ضيوف الرحمن.
اليوم رؤية 2030 الطموحة تتضمن عدة برامج ومبادرات لتحقيقها، ولعل من أهم هذه البرامج هو «برنامج التخصيص» وبرنامج «شريك» اللذان يسعيان لتنمية وتنفيذ الخدمات العامة والبنى التحتية من خلال نموذج التخصيص بالشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) بما يضمن فتح المجال لمساهمة فعالة من القطاع الخاص وعدم إنهاك الميزانية العامة للدولة التي غالباً ما كانت تتحمل هذا العبء لوحدها.