سهوب بغدادي
مقال اليوم عبارة عن ملاحظة لأمرٍ ما، فعند حديثي مع عدد من الأصدقاء والمعارف عن وقت الشدة -حمانا الله وإياكم- وشعور الإنسان ومدى تحمله لحدث ما، فكيف بطفل أن يتحمل اليتم، والابن يتحمل وفاة والده، والزوجة تتحمل طلاقها فجأة، أو التعامل مع أمور تعترض الإنسان كالمرض والهجرة والحروب والتشرد -لا أرانا وإياكم مكروهًا- فكل هذه النوائب من سنن الحياة، إلا أن العقل يتفكر ويتأمل مرارًا في هذا الخصوص، ويتساءل عما إذا كان يمتلك ذات القدرة على التحمل عند احتياجه لها، فالأمر يكمن في أمور، منها أن البلاء ينزل ومعه لطف خفي من الله سبحانه، فمتى تفكر الشخص في ذلك وآمن بأن الله أرحم وأحن عليه ممن أخذه ورده إليه، قد تهون بعدها مصيبته عليه، وقد ينزل الله السكينة، بحسب بعض الأشخاص عند وفاة أحد المقربين أنهم كانوا في فترة «أشبه بالحلم» مع انعدام الإحساس بتوالي الأيام وانعدام التنبه للزمان والوقت، فيما يقول البعض إنهم يشعرون بالنسيان أو قلة التركيز، أو بالمعنى العامي عندما يقول الشخص «سهيت عن الشئ» وكلها من ألطاف الله بنا، فلم يخلقنا الله ليؤلمنا أو يشقينا، وهناك آية تدل على الذي سبق كما قال الله تبارك وتعالى {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} وقال جل جلاله في ذات الآية {رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ} فالأولى بيان على حال العبد مع ربه والثانية تدل على حتمية الاتصال مع الله في وقت الملمات، بل في كل وقت، (عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير) بالطبع لن أتطرق بتفصيل في التفسير العلمي والطبي لهذه المجريات، فهناك صدمة واكتئاب ما بعد الصدمة أو اعتلال ما بعد الصدمة، ودورة الحداد أو ما يعرف نموذج كيوبلر روس باسم مراحل الحزن الخمس وهي الإنكار والغضب والمساومة والاكتئاب وأخيرًا التقبل.
إن عند حدوث المصائب يظن الشخص أنه لن ينجو وأن حياته تتمحور حول الحزن والحدث السلبي، إلا أن الشخص ينمو من الألم ويرتقي منه لينتشل نفسه ومن ثم يصبح أكبر من هذا الشعور، سيبقى الوجع موجودًا في ركن ما ولكنه ليس مهيمنًا على جنيات المكان وتراكيبه، لا أعلم ماذا أقول سوى أن تكونوا بسعادة وخير ولطف، وأن تجدوا المعنى المخبأ في رحم المعاناة وتوظيفه كفرصة للارتقاء إلى مستويات أعلى، قد تكون تتمحور حول علاقتك بخالقك أولًا، ثم علاقتك بمن حولك من أحبة، أو تمردك على نفسك وواقعك لتغييره للأفضل.