د.م.علي بن محمد القحطاني
فجأة وبدون مقدمات أصبحنا نعيش عصر إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي وبحمد الله أصبحنا من أكثر دول العالم تسخيراً لها لخدمة البشرية وقد سبقنا أغلب دول العالم في تطويعها لخدمة مجتمعاتنا وصارت أغلب تعاملاتنا التجارية والإدارية والخدمات الحكومية إن لم يكن جميعاً إلكترونياً (الحكومة الإلكترونية) وبدون أوراق أو حضور شخصي أو معرف وتعريف حيث أصبحت هذه المصطلحات من ذكريات الماضي فسبحان الله ونحن حتى الأمس القريب كنا نتقبل العديد من تلك الإجراءات بل ونؤديها بطيب خاطر وسعادة أصبحنا اليوم نتأفف منها ولا نتقبلها.
إن مما يدعو للعجب والتعجب سرعة تأقلم وتقبل الإنسان للرفاهية والراحة فها نحن نتهافت على التكنولوجيا بقضنا وقضيضنا حتى سلبتنا ملكة التفكير وقوة الذاكرة والحيوية والنشاط بل القدرة على اتخاذ معظم قراراتنا واعتمدنا عليها في كل مناشط حياتنا اليومية ومنها المعاملات الإدارية والتعاملات المالية.
وكمدخل لموضوع المقال لابد من تعريف الأمن السيبراني في السعودية فهو حماية الشبكات وأنظمة تقنية المعلومات وأنظمة التقنيات التشغيلية، ومكوناتها من أجهزة وبرمجيات، وما تقدمه من خدمات، وما تحويه من بيانات؛ من أي اختراق أو تعطيل أو تعديل أو دخول أو استخدام أو استغلال غير مشروع. ويشمل مفهوم الأمن السيبراني: أمن المعلومات والأمن الإلكتروني والأمن الرقمي، ونحو ذلك.(1)
و لكن من الملاحظ أن المواطن خارج المملكة أصبح عاجزاً تماماً عن إجراء أو طلب أي خدمة إلكترونية وبعضها عاجل وملح ونحن حتى الأمس القريب كنا نتقبل العديد من الأمور بل ونؤديها بطيب خاطر وسعادة أصبحنا اليوم نتأفف منها ولا نتقبلها مثل الاطلاع على المخالفات المرورية من خلال منصة إيفاء وخصوصاً أن هناك فترة قانونية للاعترض عليها أو على الأقل التأكد من صحتها لإكمال عملية السداد. أو أصدار وكالة إلكترونية ومن واقع تجربة شخصية مع منصة إحكام أو تحديث صك إلكتروني مما سيضطره للعودة لأرض الوطن قبل انتهاء أعماله أو انقضاء إجازته لتنفيذ تلك المهام فهل هذا من باب الاحتياطات الأمنية لمنع اختراقها فنحن نتفهم ذلك ونقدر حرص القائمين عليها لحفظ أسرار وحماية حقوق وصون ممتلكات.
ففي يونيو 2021 أعلن عن تحقيق السعودية المرتبة الثانية عالمياً من بين 193 دولة، والمركز الأول على مستوى الوطن العربي والشرق الأوسط وقارة آسيا في المؤشر العالمي للأمن السيبراني، الذي تصدره وكالة الأمم المتحدة المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات «الاتحاد الدولي للاتصالات»،محققةً بذلك قفزة بـ11 مرتبة عن العام 2018م، وبأكثر من 40 مرتبة منذ إطلاق رؤية السعودية 2030 حيث كان ترتيبها 46 عالميًا في نسخة المؤشر للعام 2017م (2).
و لكل ما ذكر أعلاه فإنني أكاد أجزم بإمكانية إيجاد الحلول الأمنية اللازمة عوضاً عن الاكتفاء بحجب تلك المواقع وإيقاف مثل هذه الخدمات فكما نجحت السواعد والعقول السعودية في تأمين وإنجاح اجتماع قمة قادة دول مجموعة العشرين (G20) الاستثنائية الافتراضية برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله والتي اجتمع شياطين الإنس كافة لإفشالها وباءت كل محاولاتهم بالفشل فقد نجحت المملكة في ذلك أيما نجاح.
وكما فعلنا في تطبيق أبشر - بشر الله بالجنة كل من ابتكره أو حوّله من حلم لحقيقة وآمن به وسهّل كل ما اعترضه أو يعترضه من عقبات شأن كل جديد غير مألوف فالإنسان عدو ما يجهله حتى أصبح شبه إن لم يكن آمناً ومحمياً تماماً طبعاً داخل المملكة أما في الخارج فهو محجوب وتعتبر خدمات وزارة الداخلية واسطة العقد والأنموذج الأكمل للاحتذاء به.
أما إذا كان كل ما ذكرته أعلاه مجرد افتراضات وتكهنات نتيجة لجهلي ولو أني اجتهدت وسألت بعض المعارف والأصدقاء من المتخصصين وأصحاب الخبرة والذين أكدوا لي عدم إمكانية الاستفادة من الخدمات والتطبيقات من خارج الوطن فهنا يبرز الدور الإعلامي والتثقيفي للقائمين عليها لتوعية للمجتمع بالحلول والخطوات الممكن اتخاذها لتلافي هذه الإشكاليات.
**
- مستشار وخبير إدارة كوارث وأزمات