سلمان بن محمد العُمري
على الرغم من صدور موافقة المقام السامي الكريم لنظام مكافحة التدخين، إلا أن هناك الكثير من المخالفات والتجاوزات تحتاج إلى من يعالجها، وهذا النظام ينبغي تطبيقه بحذافيره من قبل الجهات المعنية، ومتابعة وعلاج كثرة النشء الذين يمارسون عادة التدخين، لأنه بوابة خطيرة للدخول في عالم المخدرات.
ولخطورة الأمر أطلق وزير الصحة المهندس/ فهد الجلاجل صرخة نذير «أن التدخين يقلص من متوسط العمر المتوقع للسعوديين بمعدل 1.6 عام وهو ما يتعارض مع رؤية المملكة 2030 التي تستهدف رفع أعمار المواطنين».
لقد يسر الله لي الإسهام في مكافحة التدخين من خلال المقالات والتقارير والتحقيقات والمحاضرات، والأبحاث والدراسات العلمية، ومن ذلك كتاب أسميته «آفة التدخين بين الطب والدين»، عرضت من خلاله لرأي وحكمة الشريعة الإسلامية في تحريم التدخين، قبل أن يثبت الطب والدراسات الطبية الحديثة الأضرار الكارثية لآفة التدخين على صحة الفرد، مورداً عدد من الفتاوى المعاصرة عن هيئة كبار العلماء في تحريم التدخين وبيعه، والاتجار فيه، وضمنت الكتاب وهو الجزء الأكبر منه آراء الأطباء في مختلف تخصصات الطب، حول أضرار التدخين، وكيفية حدوثها، حيث وصل عدد الأمراض إلى أكثر من 25 مرضاً تشمل النساء والرجال والأطفال على حد سواء، وتأتي الأورام السرطانية وأمراض القلب على رأسها.
وقمت بدراسة علمية متخصصة بعنوان: «ظاهرة التدخين فى المجتمع السعودي»، وهي دراسة ميدانية عن عوامل التدخين وآثارها وأبعادها الإنسانية، وخرجت بتوصيات مهمة تم الأخذ بالكثير منها، مع ضرورة متابعة تنفيذ البقية منها حماية للفرد والمجتمع.
وإذا كانت الدولة -أيدها الله- تضع الأنظمة والتشريعات لمكافحة التدخين، والحد منه، فإن المسؤولية لاتقع على عاتقها، مما يوجب التعاون والتكاتف من الجميع لأنها مسؤولية مشتركة، قطاعات وكيانات مجتمعية وأفراد، وكل بحسبه.
سأذكر لكم أنموذج متميز للتعاون والمشاركة الطيبة في الإسهام بمكافحة التدخين، الصديق اللواء طيار ركن متقاعد د. عبدالله السعدون يقول: «أكثر من عملوا معي أوبيني وبينهم علاقة عمل أو صداقة أقنعتهم بترك التدخين، تركوه أوخففوا منه، أحدهم تركه بعد جلسة معي قبل ثلاثين سنة، اليوم كلما رآنى رفع يديه يدعو لي، وأنه لا يوجد عادة أسوأ من التدخين».
ولو عمل كل فرد منا مع أحبابه وموظفيه في نصحهم وإرشادهم وتذكيرهم لتحقق الشيء الكثير.
انتشار التدخين عند الشباب والصبيه المراهقين من الذكور والإناث مؤشر خطير وأضراره جسيمة للغاية، وفي تصوري أن من الظواهر المؤسفة كثرة انتشار محلات بيع الشيشة والمعسل وسط الأحياء السكنية التي فاق عددها في أحد الشوارع الصيدليات والبقالات..!!، والأدهى والأمر حينما تكون لوحات بعض تلك المحلات المشينة بعبارات جذابة: (الكيف والمزاج هنا) ..إلخ كوسيلة جذب للأطفال والمراهقين على حد سواء.
ولا ننسى قيام بعض المعلمين بشرب الدخان بأنواعه في فناء المدرسة أو خارجها أمام أنظار الطلاب.
وهناك ملحظ مهم وخطير جداً وهي ظاهرة انتشار شرب الدخان فى مواقف السيارات في بعض الدوائر الحكومية والأهلية وغيرها من الأسواق والمولات على الرغم من وجود بعض اللوحات الإرشادية التي تمنع التدخين فى تلك الأماكن، والمصيبة الكبرى حينما تجد حراس الأمن «السيكورتى» في مقدمة الركب الذين يمارسون الفعل المشين..!
أعتقد أن الدفاع المدني عليه مسؤولية في القيام بجولات ميدانية لمتابعة تنفيذ تلك القطاعات لوسائل السلامة والتقيد بها حتى لايحدث ما لايحمد عقباه في تلك الأماكن التي تحتوى البنزين والنار!، كما أن على وزارة الصحة بالذات التوكيد على تطبيق المستشفيات الحكومية والخاصة التعليمات مع المتابعة الجادة لأنها الأولى بالقدوة من غيرها، وأن تعيد وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان النظر في وضع محلات الشيشة والمعسل، وكذلك المقاهي المضللة المغلقة وما يحدث بها..!
أما بقية الجهات فعليها مواصلة التوعية والتوجيه، وأن تبدأ بنفسها، وإصلاح البيت من الداخل بتطبيق الأنظمة والتعليمات، ولكي نصحح المفاهيم الخاطئة والمغلوطة من قبل بعض المراهقين والمراهقات من أن التدخين يعبر عن إزالة الضغوطات الحياتية، ويراه البعض من علامات التحضر والرقي، وكلها أوهام خادعة، مما يوجب علينا رفع شعار «الكيف..وهم»... وكفى!