د. زايد الحارثي
يجب على كل مواطن أو مقيم في هذه الأرض المباركة أو حتى خارجها أن يتذكر دائماً أن مملكتنا العظيمة بما حباها الله من نعم في المكان والمكانة لا تقدر بثمن والانتماء والفخر يتضاعف يوماً بعد يوم، ويوماً بعد يوم يضرب حكام هذه البلاد حفظهم الله أروع الأمثلة بتقديم المبادرات والمشاريع الفكرية والمادية بسخاء وبدون منّة.
ويصعب في هذا المقال إيراد أو حصر هذه المبادرات أو العطاءات المحلية أو العالمية التي تبنتها المملكة ولكن بعض النماذج منها تشير إلى تأكيد هذا التفرد. ففضلاً عن ما تقدمه الدولة السعودية منذ إنشائها لخدمة الحجاج والمعتمرين من جهود وترتيبات وتيسيرات وخدمات لهم يشهد بها القاصي والداني فقد توالت هذه المبادرات التي يمكن تصنيفها بالعالمية لشموليتها فلما عصفت بالعالم ظاهرة الإرهاب في العقدين الماضيين بادرت المملكة بتبني المؤتمرات وأنشأت المراكز العالمية للحوار بين الأديان ومراكز محاربة الإرهاب مثل مركز الاعتدال ومركز الحرب الفكرية ومركز التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب وهذه أمثلة مادية فقط على الدور الريادي للمملكة في أخذ زمام المبادرة في تبني المشاريع الرائدة للتصدي للأزمات التي تواجه العالم وترعاها وتمولها بكل سخاء لما فيه أمن واستقرار العالم.
ثم نأتي لنموذج آخر من سبق المملكة العربية السعودية العالمي في مواجهة الكوارث والأزمات العالمية متمثلاً في أزمة الكورونا التي روعت العالم بأسره كيف بادر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بتبني شعار الإنسان أولاً فتوقف كل نشاط تجاري أو اقتصادي يومي تقريباً مقابل رعاية وحماية الإنسان في هذا البلد سعودي وغير سعودي حتى المخالفين شملتهم رعاية البلد المادية صحية وأمنية بلا حدود وقد ترك ذلك نتائج لم يسبق إليها بلد فانخفضت أعداد المصابين والوفيات من الكورونا بشكل لم يصل إليه إلا دول تعد على الأصابع وأشادت دول العالم ومنظمة الصحة العالمية على وجه الخصوص بما قامت به المملكة في هذا الصدد.
واليوم والعالم تختلط لديه مشاعر التفاؤل والتشاؤم بموجة الذكاء الاصطناعي واستخداماته وتسارع نتائج تأثيراته على جميع شؤون الحياة فهذا رائد الذكاء الاصطناعي الحالي جيفري هوتون يحذر من مخاطر استخدامات الذكاء الاصطناعي المتسارعة في السنوات الخمس الماضية وكيف أن الذكاء الاصطناعي سيتفوق على الذكاء البشري لكمية البيانات التي يحللها ويتعامل معها بما لا يستطيع مجاراته ذكاء البشر فضلا ًعن الوظائف التي تستخدمها الروبورتات في حياة البشر وغيرها من المخاطر التي يرى أنها قد تهدد البشرية ويؤيده في ذلك الملياردير ألون ماسك مالك تويتر والكثير من وسائل التواصل والتقنية ومن أهم ما جاء من تحذيرات مؤخراً تحذير الأمين العام للأمم المتحدة من انحراف العالم نحو الهاوية نتيجة عدم وجود ضوابط وأخلاقيات ومعايير لكبح سوء توظيف واستخدام الذكاء الاصطناعي مما يجعل العالم بأسره في خطر ومن هذه المؤشرات المنبئة بخطورة ما يواجه العالم في الفترة الحالية والمستقبل القريب لآثار الذكاء الاصطناعي على أمن العالم واستقرار وصحة البشر طالما لم يتواكب مع هذه الثورة التكنولوجية المتسارعة الهائلة ما يحد ويضبط من الاستخدامات الضارة والمدمرة.
وهنا استشرفت القيادة الحكيمة في بلادنا هذه المخاطر وأخذت قصب السبق فأقرت في مجلس الوزراء الأخير إنشاء المركز الدولي لأبحاث وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي وهنا أقول بكل ثقة وفخر إنه مركز جاء في وقته بل وسبق العالم في هذه التحديات العالمية وكأن قيادتنا تكرر الدور الريادي وتجيب على نداءات زعماء ورواد الذكاء الاصطناعي وتحذيراتهم من فرط الاستخدامات وغياب الضوابط والأخلاقيات فتقول قيادتنا. ها نحن لها. فيقيني أن هذا المركز سوف يحظى بمباركة عالمية وشكر لقيادتنا على هذا السبق الذي يسجل في تاريخ القيادة الحكيمة والدولة السعودية للالتفات لما يحمي البشرية من مخاطر فرط وسوء استخدام التقنية المتسارعة ,لنا أن نفخر بسعوديتنا وبإنجازاتنا العالمية التي وضعت القيادة الموفقة في هذه المكانة المرموقة لنا وبالله التوفيق.