ليلى أمين السيف
القصة الأولى..
تأكدت من كل شيء..
ومع ذلك لن أهدأ أو ارتاح حتى أركب الطائرة ولن أستكين حتى أرتمي في حضن أمي.. وأشم تلك الرائحة.. آآآه. ما أصعب الغربة وما أجمل تلاقي الأحبة.
قريباً ستطيب لي الحياة حين أحتضن صغاري وأسامر صديقاتي وأتجول حيث نشأت وأحببت..
أنا في الطائرة في رحلتي إلى السعودية بعد غياب 3 أعوام كاملة..
وفي هذه المرة أستطيع أن أقول إن السفر فعلاً قطعة من العذاب.
فما بين تذبذب المعلومات من السفارات المعنية ووكالات السفر والخسائر المادية المهولة من اشتراطات تأمين السفر لفحوصات الـ PCR إلى المبالغة في أسعار التذاكر.. كلها أمور أنهكتني واستنزفتني حتى كرهت السفر ولولا الأحبة لبقيت في محلي.. لكن من شأن عين تكرم ألف عين. ويهون كل غال عشان أمي وعيالي.
لم أنم ليلتها.. وكنت في لهفة وشوق لهذه اللحظات..
أغمضتُ عيني برهة وطاف خاطر بخيالي... كيف لو أن حياتي رحلة كهاته ومع ذلك لم استعد لها تمام الاستعداد ولم أتمم على كل شاردة وواردة. كيف لو أننا فعلنا للقائنا العظيم كما نفعل عندما نتجهز لحفلة ما أو سفر أو ما شابه.
علمتني هذه الرحلة والتفاصيل الكثيرة التي صاحبتها والاستعدادات المرهقة التي عانيتها أن استعد للقاء الأكبر والأفخم والأجمل..
لقائي بالله.. لا يحتاج إلى تأشيرة ولا تطعيم ولا حساب بنكي ولا مصاريف إضافية لتغيير مسار الرحلة..
ولو أدركنا متى آخر يوم سنقضيه بالدنيا وكيف لقاؤنا بالله لأفنينا أعمارنا طاعة وتقرباً لله ولكن غرنا طول الأمل. فهل نحن ممن وصفهم سبحانه بقوله.. {وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا}، خشيت أنني أرضى بالحياة الدُنيا دون الآخرة، يا الله شعور غافلين عنه فهل جهدي كله كان للدنيا الفانية.
حطت الطائرة على أرض مصر ودخلناها بإذن الله آمنين حتى وصلنا إلى كاونتر مصر للطيران الذي صدمني وهزني وأباد فرحتي بقوله.
«أهلاً.. دا أنت حاتبقي معانا لحد الصبح وبعديها ترجعي على كوبنهاغن».
كتبته ليلى ابنة -أبوها -أمين المشهري رحمه الله وعفا عنه وعنا وعن موتانا أجمعين..
ورزق الله أمي وأهلي وإياكم الخير كله.