حصة التويم
لكل قصة نهاية، ومبتدأ كل حكاية (فكرة) تموج في الذهن ثم تسكب في القلب فيتعلق بها وينميها ويصقلها ويحميها فيكون لها نبض مع الأيام، ويسمو بها في مصاف الأحلام، ثم يصبها في العقل صبًّا ليّنًا حتى تبلغ مرحلة الولاء والأمل والاصطبار..
وفي نهاية كل عام تحصى الأمنيات بقدر العطاءات، وتُستنهض الهمم بقدر الإحصاءات، إن استجيبت فلها الاستمرار وازدياد العطاء، وإن لم تُستجب فالدعاء رواية الصبر، والغناء بالقناعة هو جواب كل تدبير وخيرة..
وفي بداية العام الجديد تسمو الأماني بثقة، ولا تلبس رداء اليأس بل تنتهج ميثاق طول الأمل وتزكى، بل تجوب رياض القلب بكل شغف وتنتظر الأمر الأسمى؛ ليبتهج الطموح ويزهى..
إنه اليقين الذي يجعل شجرة الآمال باسقة مورقة بحسن الظن، والتوكل على الشكور الغفور، والعمل بما يسبب شكر الله لعبده بالتقرب إلى الله بالعمل الصالح، ورضا الوالدين، وكثرة الصدقة، ومحور تغيير الأقدار بالخضوع لله وسؤاله بكثرة الدعاء، فيستجيب له بكن فيكون إنه الكرم الإلهي الذي لايشابهه كرم، ويليق به عز وجل بما يحقق هذه الأماني..
فمن ارتضى لطموحه ثباتاً يستجلي الإحسان، ولفيض المنى اصطباراً على مدى الأزمان، وللأمل تفاؤلاً بتوالي سنين العطاء فقد جعل بهمته للأمنيات درع وقاء..
اعلم أيها الطموح بأن الاستجابة مقرونة بالإصلاح الذاتي بدءًا من إصلاح النفس، وارتجاء استقامتها دينيًّا بعمل الصالحات، وإصلاح الفكر بتطويره بالمعرفة، وإصلاح الذات بتهذيبها بالأخلاق، وإصلاح الأهداف بالصبر والعمل..وغلق منافذ الفساد ببوابة التقوى والنزاهة عن كل هفوى، واستحكام العقل والضمير في أفكارك وأعمالك وطموحاتك ووطنك فماربح من مال عن جادّة الصواب..
اعلم بأن الأيام رفيقة الأحلام، ورهينة الإيجابية وستزهر يوماً بالتفاؤل وحسن الظن؛ كن وفيًّا لها ؛ فكل حلم تمدد في الفؤاد لبس ثوب الحكمة والصبر إن تحقق أو جزء منه، أو لم يتحقق وصُدّ عنه فكلٌّ في خيرة المولى وحسن تدبيره، فمن رضي فله الرضا، ومن قنع فله الخير.
واربت على مر الزمان بقبضة معصمك، واستنجد اللطف الخفي بالثقة في خالقك، واصبر فمامرّ الصبر في الدنيا سوى طيب الجزاء في الأخرى، وكن ذا أثر جميل، عود نفسك على كل عمل نبيل، وابذر الأمل في مزرعة الطموح لكي لايبقى في السفوح أثر إلا بتقدمك..