سارا القرني
يبدو أنَّ الدجل والشعوذة في علم الطاقة لا نهائي وممتد، ففي كلّ يوم يخرج لنا دجال جديد بخزعبلات جديدة وأفكار وهمية بعبقرية لا متناهية.. ليتبعه الأفراد الأقلّ وعياً في رحلة سعيهم نحو الوصول إلى التنوير والوعي الكامل!
ما يروّج له مدرّبو التنمية البشرية من وهم روحاني كاذب.. يسهل على العامة أن يتلقفوه، وليس غباءً منهم لكن لبساطة تفكيرهم وقلّة وعيهم وابتعادهم عن المفهوم الروحاني الديني في المقام الأول.. والعقليّ بعد ذلك، وأربط علم الطاقة بالدجل.. لأن الدجل هو بيع الوهم لجمع الأتباع والمريدين، فالمسيح الدجال يوهم الناس بنهرٍ خلفه الجنة.. وهو الطريق الأسهل الذي يراه من يواجهه فلا يكاد يكذّب ما رأى، وأما الجنة فهي على النقيض تماماً مما يعد به الناس!
كلا الأمرين وهمٌ نحو الطريق إلى الخلاص والسعادة والوجود الحقيقيّ الذي يسمّونه «استحقاق داخلي» بدلاً عن «اجتهاد ونتيجة»، فتفخيم الكلمات والتلاعب بالمفردات هي ديدن الدجالين في هذا العصر وكلّ عصر وزمان، استبدلوا «اليقين» بقوة الجذب، والثواب والعقاب بالكارما.. وعاقبة حسن الظن أو سوئه بالطاقة الإيجابية أو السلبية، وسيجادلونك حقّ المجادلة بأنّ اليقين والثواب والعقاب والظنّ.. مختلفة كل الاختلاف عما ذكروه، لأنهم لو أقروا بأن لها المعنى نفسه لسقط دجلهم كله، والأدهى من ذلك هو استخدامهم لكتاب الله وسنة نبيه كي يروجوا لهذا الدجل.. وكذلك لقصص الصالحين أحياناً وما حدث لهم، ولعمري إنها لجريمة يرتكبونها في حقّ من يتبعهم وهم يشعرون!
في علم الطاقة المزعوم ترى من العجائب ما يجعلك تظنّ لوهلةٍ أنك جاهل، فطريقة ربطهم للأحداث تبدو منطقية للوهلة الأولى، وهم بالطبع لا يفصحون عن مصادرهم التي استقوا منها تعاليمهم، لأنها على الأغلب بوذية أو هندوسية أو روحانيات تخالف الدين الإسلامي مستقاة من التعاليم الشرقية أو الفلاسفة الملحدين، وتجد في علم الطاقة تداخل كل العلوم الوهمية في بعضها، كالإسقاط النجمي الروحاني والتكوين الفيزيائي للجسد، والأبراج وكذلك علم الاجتماع.. التي يمزجونها بطريقة غريبة لتنتج مكوناً فلسفياً واهياً!
أحد هؤلاء في تويتر يقول «إذا كنت تشعر بالكثير من الطاقة السلبية حولك وفي أي مكان عليك أن تغطي سرّتك، كي تتخلص من الحسد والغيرة والعين والغضب والكراهية»!
وكذلك تفسيره العجيب أنّ «آل محمد» تعني تناسخ الأرواح، وأنّ الروح بعد وفاة الشخص تذهب إلى «عالم السمرات» الذي هو جزء من العرش، وهناك تراجع الروح حياتها وتُمحى فيها ذكرياتها حتى تتهيأ لحياة جديدة مع شخص جديد، وتتعدد تركيبات الروح بين المسخ والرسخ والفسخ، وخزعبلات تجد الكثيرين من متابعيه يصدقونها ويؤمنون بها، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
في البداية يبيعون الوهم.. حتى يخلقوا جيلاً يقول «دعونا من أذكار الصباح والمساء والمعوذات والتوكل على الله وحسن الظن به لأنّ الحلّ بأيدينا نحن.. قوة جذب وطاقة وكارما!
ماذا بقي من الخزعبلات والذين يروجون لها؟ هل من رادع؟ هل من حملة توعوية لكشف هذا الوهم الذي أخذ يتجذر في المجتمع؟ لا بد من التفاتة صارمة لدجالي الطاقة المنتشرين في منصات التواصل، وباتوا يشكلون خطراً حقيقياً يجذب المراهقين والبسطاء من العامة، مستغلين كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لانتشارهم المقزز!