ليلى أمين السيف
بعد نهارٍ طويل، مكتظّ بالتعب والقلق..
قد تفيض الأنفس بالكثير من الهموم والمتاعب فتحتاج لكتف صديق أو ابن بار أو أم حنون لنرمي ثقل حملنا عليه ونفضفض قليلاً عما يكدر خاطرنا أو يقض مضاجعنا فالناس مع الناس وكما قال إخوتنا المصريون جنة من غير ناس ما تنداس ويقول جل وعلا: {في جنات النعيم على سرر متقابلين}.
ولا بأس في ذلك ففي النهاية نحن بشر ونحتاج لنصيحة من محب أو طبطبة من حبيب أو حضن من صديق ولكن أن تكون كل أحاديثنا اليومية كلها شكوى ولا يرى المرء في حياته ما يستحق الحمد أو الشكر فهو إما شاكياً أو باكياً. فهذه للأسف ثقافة عربية وبامتياز وخذوها قاعدة كثير الشكوى للأسف قليل الشكر والحمد..
فالمرء لا يرى في وظيفته إلا مديره المستبد وزميله الغادر والمدراء أعينهم لا تقع إلا على القذى. والوالدان لا يريان في أبنائهم إلا العقوق والأبناء ينشدون الكمال عند والدين غير والديهم والإخوة لا يتلذذون بعمق الإخوة وجمالها..
وسيدة المنزل لا تعرف قيمة خادمتها إلا إذا تركتها والخادم دوماً متأفف والزوج عينه كليلة عن محاسن شريك الحياة. بل إن المرء نفسه لا يرى ما حباه الله به من نعم ودوماً يبحث عما ينقصه ويندب حظه لذلك..
لماذا لا ننظر من زاوية معكوسة. لنغير النظرة.. سنرى في أبنائنا صحة وجمالاً وذكاءً ونعمة وهبنا الله إياها فلنسمعهم الثناء الحسن وندعو لهم بالهداية..
اشكري زوجك لو أحضر لك حتى كيس خبز بريال وامدح زوجتك وجمالها وتدبيرها..اتصل بأمك وقل لها إنك تفتقدها واحضن أباك وقبّل يديه. قل لمديرك أنك تتوقع منه الأفضل كما عهدته وأثني على زملائك في العمل وامتدح مرؤوسيك بين الفينة والأخرى واشكر خادمك وجامله إن لزم الأمر. قل لصديقك إنك تحبه وتشتاق لمرآه.. هدية بسيطة لمن تحب لن تدخلك في دوامة الديون..
للأسف فالإنسان جبل على الفصاحة في شكواه ولكنه أعجمي حين الشكر..
كونوا منصفين مع ربكم وأنفسكم وقولوا الحمد لله. افعلوا شيئاً تجاه مشاكلكم وستجدون حلولاً لها بالتأكيد ..
لو فقط في كل مرة نبدأ بالشكوى نتذكر زمناً شكونا فيه ما بنا وإذا نحن الآن في حال أفضل والأمور تبدلت والمسائل انحلت. في كل الأمور هناك حلول إلا الموت. فلم الجزع..
لقد قالت العرب الشكوى لغير الله مذلة. ولكن عرب اليوم لا يعرفون عند اجتماعاتهم إلا الشكوى..
{إنما أشكو بثي وحُزني إلى الله}.
قل كل ما بداخلك لله قل له كل شيء, وحده الله من يسمع الشكوى ويستجيب الدعاء. ويعلم جيداً ما بنفسك..
لا تشكو ألمك لمن لا يُدرك وجعك..
وحلّق بقلبك نحو ربك..
{إن لك في النهار سبحًا طويلًا}.
لا تفتر عن التسبيح والحمد والاستغفار ففيهم حلولٌ لكل مشاكلك..
وقد هذبنا القرآن وعلمنا سبحانه أن لنا ثواباً فيما يعترينا من هموم ولعلها كفارة للذنوب. فالحمد لله كثيراً حمداً تستطيب به حياتنا ..
أعاننا الله وإياكم وغفر لنا ولكم ولوالدينا وللمسلمين..