إيمان الدبيّان
وأنا أحاول كتابة مقال هذا الأسبوع وجدت نفسي محتارة ماذا أختار وعن ماذا أكتب وما المهم وما هو الأهم من المواضيع الأنيقة التي تصاغ بحروف فخمة رقيقة، وبين هذا وذاك وفي ازدحام فكري وانشغال ذهني قررت أن أكتب رسالة بريدية إلى قسم التحرير في الجريدة أوضح فيها تعذر قلمي عن الكتابة فربما أصابته بعض الرتابة ويحتاج مع صاحبته لاستراحة على ضفاف شواطيء الحياة الشاسعة، أو في قممها الحالمة الواسعة؛ لأن صاحبته ترهقه تسهره تجهده بقصائدها وخواطرها ليلاً، وفي مقالاتها وأعمالها نهاراً، تراقص بها مشاعر بعضها ثائرة، وتستفز أخرى في الأعماق غائرة، وتستلهم مواضيع في المجتمع سائرة وتستجمع أطروحات دائرة؛ ولكن القلم لا يطيع وبلا بوح لا يستطيع فقال لي: اكتبي ما تسمعين في صرير ريشتي، وانشري ما تشاهدين في رسم كلمتي، حدثي الناس والجلاس عن الصدق والشفافية، عن الوضوح بلا أنانية، عن الظلم وعاقبته وحكم الخالق وعدالته، قولي لهم: لا تكتموا مشاعركم عن أحبابكم، ولا تقسوا على ذواتكم، اعفوا إذا كان ذلك خيراً وامتنعوا إن كان مردوده شراً.
وقال لي: حدثيهم مرة أخرى بل مرات كثيرة وبأساليب عديدة حدثيهم عن الحب حب الذات، حب الناس، حب الأم، حب الأب، قولي لهم: الوالدان أصدق حب يعيشه الإنسان في كل زمان ومكان، أخبريهم أن الإنسان بلا أمه تائه وإن كان كبيراً، وبأبيه راسخ وإن كان حكيماً.
قال لي: ذكّريهم أن الصعوبات تقوينا والعثرات تنصرنا ولا تكسرنا، وأن الحياة فرصة لن يعيشها غيرنا عنا ما كُتب لنا سنأخذه وإن حاربتنا الدنيا بمن فيها، وما مُنع عنا لن نناله ولو استنجدنا بالبشرية أولها وتاليها.
وأخيراً قال لي: أخبريهم أن ليس كل ما يُعلم يُكتب في مقال فخذي عني مايناسب الحال واحتفظي في أوراقك كل ماسكبه الحبر وروى عني من سر ولك قال.