عبدالواحد العلوان
كثير من المدمنين على المخدرات، لا يعلمون العواقب التي يتدرجون فيها جراء تعاطيهم المواد المخدرة، ولا يعلمون الطريق النهائي لها، ولا يعلمون كيف وأين ومتى تنتهي أزمة الإدمان، أو القصة الحزينة التي غالبهم أي المدمنين يشتركون فيها.
المخدرات ليست مادة فقط للتسلية والترويح والترفيه عن النفس، ورفع المود وتحسين المزاج كما يعتقده عشاقها ومدمنوها، بل هي مذهبة للعقل والإحساس والمشاعر والتناقضات، وبداية التبلد والبرود في بعض المواقف التي يقع فيها تحت تأثير المخدر، وهي طريق الهلاك الذي تبدأ به ولا تعلم أين تكن النهاية.
الحملة الوطنية على المخدرات
حملة وطنية ضد المخدرات، وحملة يقودها أجهزة الدولة الأمنية، برعاية ملكية من سمو سيدي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، الذي أولى هذه الحملة الوطنية كل الاهتمام والحرص لانجاح مهامها، وأهدافها، حماية الوطن والمواطنين جيل الشباب والشابات من هلاك المخدرات وأضرارها على الوطن والمجتمع والأسرة، على البناء والتقدم والازدهار الوطني..
المخدرات هدم في سور الوطن
من المعلوم أن الدولة حفظها الله ورعاها وحمى أرضها وسماها، تتعرض وبشكل يومي لتهريب المخدرات، وللاستهداف من الخارج، ومن الفاسدين في الداخل، للفتك بالشباب وجيل الشباب الواعد الذي عليه تُبنى الدولة وتتطور وتتقدم في كافة مناحيها وأنشطتها ومشاريعها، لذلك دأبوا الفاسدين على تهريب المخدرات بكميات مهولة، كميات لا يمكن أن تدخل العقل، من حجم الكميات، ومرات التهريب، وكل هذا لماذا السعودية بالتحديد؟
لأن الوطن السعودي والمجتمع السعودي مترابط ترابط الفرد بالوطن والقيادة وترابط الفرد بالمجتمع و ترابط الفرد بالأسرة، وكل هذا هدف واضح للمجرمين الفاسدين، الذين يمولون كل هذه الحملات من التهريب، لمحاول فك حلقات الوصل المتصلة ببعضها، والبدء بهدم الوطن وحصونه وأسواره والمجتمع والأسرة، لتحقيق مشاريع وأهداف أكبر من كلمة مخدرات، وهي المساس بالوطن والعقيدة والدين والاقتصاد، ولكنهم فشلوا، ووجدوا القيادات الأمنية لهم بالمرصاد..
المخدرات هلاك الفرد
ما أن تبدأ قصتك في تناول أول قرص مخدر، أول سيجارة حشيش، أول نفس هروين، أول مزاج شبو، إلا وتبدأ نهايتك التي لن تعلم ماذا بعد؟
إن كنت موظف أو طالب، تهيأ لفقدان مستقبلك، وأحجز لنفسك مقعداً في السجن أو المصحات النفسية، والأسباب عديدة.
المخدرات من شأنها تغيير شخصية الفرد وسلوكه، والمخدرات تتحكم بكل شيء في جسم المتعاطي تبدأ بالأعصاب وتنتهي بالجلطات والأمراض النفسية، بعد أن تسلم نفسك للمخدرات، ولتجار المخدرات، لن تعود فردا صالحا للعيش مع المجتمع والأسرة والوطن، سوف تبدأ بالانعزال شيئاً فشيئاً حتى تُصبح وحيداً فريداً، وتبدأ تتقوقع على نفسك وتخلق بيئة خاصة فيك لتبدأ حياة أخرى بعيداً عن الأضواء، وهذه هي بداية الأمراض النفسية..
آثار المخدرات على الأسرة
الطلاق والانفصال، القتل والضرب والدمار، هي أحد أسباب المخدرات، حيث يبدأ المتعاطي في العصبية لحظات هبوط تركيز المخدرات في جسمه، وفي هذه اللحظات من يقابله في أسرته، سوف ينهال عليه بالسباب والشتام والعصبية المفرطة، وتبدأ السلوكيات والإيماءات الجسدية تتغير بشكل كبير، لدرجة أن غالب الناس لا يعلم أن ابن أو زوج أو أب، متعاط، بل دائماً تُعلق الشماعة على «السِحر والحسد والعين» والجميع يستبعد أن ابنه الذي رباه هو أحد المدمنين على المخدرات، وأحد الذين وقعوا ضحية غدر الأقرباء أو الأصدقاء السيئين حقاً.
آثار المخدرات على الصحة النفسية
العصبية المفرطة، المزاج المتغلب، الشكوك، عدم الثقة، التناقضات، التهيئات والخيالات، الهلاوس، التي تبدأ بسماع أو مشاهدة أشيائه غير حقيقية، ولكنه يتهيأ للمدمن والمتعاطي بأنها صور حقيقية، ومن هنا يبدأ الرحلة الثانية من كونها رحلة في المخدرات، وتنتهي بالدمار النفسي، وبمجرد أن يخضع للعلاج النفسي، وتبدأ معه القصة الحزينة، التي لا يدرك المتعاطي، بأنها أولى لحظات النهايات، وأولى خطوات الدمار الذي أوقع نفسه فيه مستنقع قذر لا يمكن أن يخرج منه بسهولة ويسر، إلا بعد فقدان الكثير، من صحته ونفسيته وماله وعلاقاته.
جرائم المخدرات والجرعات الزائدة جرائم مروعة سجلتها الأخبار والصحف والشاشات، في كثير من الدول، والأسباب كانت المخدرات، حيث إن المتعاطي والمدمن للمخدرات في حين عدم حصوله على الجرعات التي يحتاجها لتنشيط أعصابها بها، يبدأ في الانهيار والسلوك الاجرامي، إذا يبدأ بالعصيان الأسري والاجتماعي والوطني، ضارباً الجميع عرض الحائط، كم أسرة فقدناها حرقاً وسط منزلها، والسبب كان بينهم «مدمن شبو»، وكم فتاة بداية خطبتها فقدناها غدراً والسبب كان شابا مدمنا متعاطيا ، وكم زوجة تلفت طعنات في أنحاء متفرقة من جسدها، والسبب الزوج المتعاطي، وكم أب وأم نالها نصيب الأسد، من ابن عاق متعاطي المخدرات، فقدنا الكثير، وسنفقد الكثير، لذلك لابد لنا أن نتكاتف ونبلغ عن كل أي موقف مريب يتعلق بالمخدرات ومستخدميها، حماية لأبناء الوطن وحماية للوطن والأسرة والمجتمع.
مستشفيات إرادة لعلاج الإدمان
الدولة رعاها الله، دشنت مشاريع بمئات الملايين، مستشفيات ومصحات ومراكز لعلاج الإدمان، وما زالت الدوبة تصرف مئات الملايين على هذه المشاريع، لاحتضان أبناء الوطن وعلاجهم، ومحاولة تقويم طريقهم للطريق الصحيح، وللحياة السعيدة، البعيدة عن الإدمان والمخدرات، وحاولت الدولة بمراكز النصح والأخصائيين النفسيين والاجتماعيين، اكساب المدمن والمتعاطي سلوك إيجابي وحب للحياة والعطاء وزرع قيم سوية للدين والمجتمع والقيم الإسلامية من أجل الحفاظ على حياتهم وحياة من يحبون، ولكن قليل جداً هم من استفادوا حقاً من العلاج، وكثير منهم بمجرد خروجهم من المراكز العلاجية، يعودون للإدمان، وهذا ضعف في الإرادة وضعف في الاحتواء الأسري لهم، وكذلك أصدقاء السوء.
لا بد لنا أن نرعى ونبرز قصص المتعافين من المخدرات، ونبدأ في أدراجهم في المجتمع من جديد وأن نبدأ في احتوائهم بكل ما نستطيع لنضمن لهم أجواء بعيدة عن المخدرات والهلاك، وليكونوا أيدي وسواعد حقيقية في بناء الوطن ومساعدة المدمنين الضعفاء الذين هزمتهم إرادتهم أمام التعاطي والإدمان، كونوا بالقرب منهم لننجو جميعاً.