د.عبدالعزيز الجار الله
أصبح العالم في حالة استنفار ومستفز في أغلب حالاته، أي تحول إلى بؤرة اضطراب تتمحور حولها جميع قوى العالم، ففي السابق كان العالم مقسماً بنظام نفوذ الدول، لكل دولة حدودها ومحدداتها، لكن بعد حرب أوكرانيا فبراير 2022 كل الأشياء تغيرت، وساحت الدول على بعضها حتى أصبح من انقلاب النيجر 26 يوليو 2023 همّاً عالمياً مشتركاً، عنواناً واضحاً للاستنفار الدولي وتوتر العالم، فالنيجر داخلية في المفهوم الجغرافي واقعة في غربي إفريقيا، وحدودها هي:
من الجنوب : نيجيريا وبنين.
ومن الغرب : بوركينا فاسو، ومالي.
ومن الشمال : الجزائر وليبيا.
من الشرق تحدها تشاد.
يبلغ إجمالي مساحة النيجر حوالي 1.270.000 كم مربع، حيث تعد من أكبر دول منطقة غرب إفريقيا من حيث المساحة، كما يبلغ إجمالي عدد السكان قرابة الـ 17.129.076 نسمة يتركز السكان في الجنوب والغرب بعيداً عن الصحراء الكبرى.
وأيضاً هي دولة لا تطل على بحار أو محيطات، إنما يخترقها نهر النيجر، وتشكل الصحراء 80 % من مساحتها، وهي الآن محط أنظار العالم لكونها من أهم مصدري اليورانيوم الذي تعتمد عليه فرنسا وأوروبا والصين وباقي دول العالم، وموقعها في وسط الغرب الإفريقي جعلها تنفصل عن البحار والمحيطات:
- البحر الأبيض المتوسط تفصلها عنه من الشمال دولة ليبيا.
- المحيط الأطلسي الجنوبي، تفصلها عنه من الجنوب نيجيريا وغانا.
- المحيط الأطلسي تفصلها عنه من الغرب مالي وموريتانيا.
- البحر الأحمر تفصلها عنه من الشرق تشاد السودان إيرتريا.
وهنا تأتي أهمية البحر الأحمر أمنياً الذي تحول بعد : تدخل إيران في اليمن، والحرب الروسية الأوكرانية، وحرب السودان بين الجيش، والتدخل السريع. تحول إلى بحر مضطرب تتحرك فيه القطع الحربية الأمريكية والأوروبية مروراً بخليج عدن وبحر العرب ومياه الخليج العربي.
البحر الأحمر دخل في الصراع والتجاذبات الدولية باعتباره ممراً مائياً يهم الدول الكبرى، وأيضاً أصبحت إفريقيا تحت أطماع روسيا والصين ودول أخرى تشكل افتراضياً دول المحور لمحاصرة أمريكا وأوروبا عبر المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، وبالمقابل تحولت - افتراضياً - دول أمريكا وأوروبا إلى دول الحلفاء، لتعيد للذاكرة مواجهات الحرب العالمية الثانية، لكن الفارق في الحرب العالمية الثالثة - لا سمح الله - دخول الصين والسلاح النووي في أوسع انتشار له.
إذن هدوء البحر الأحمر من مصلحة الجميع لأنه الناقل التجاري للقارات الثلاث : آسيا وإفريقيا وأوروبا.