الأمير الدكتور عبد العزيز بن عياف
كان الدكتور خالد العوهلي رفيق درب وزميل دراسة، وصديقاً قريباً جمعتنا علاقة محبة وذكريات لا يمكن للكلمات أن تصفها، ولن تستطيع الكلمات أن تصف ما كان يحمله من مبادئ ويتصف به من أخلاق وهممٍ عالية. وكان يعكس في شخصيته وتعامله مع الآخرين رقي وجمال ما تلقاه من تربية فاضلة ومتميزة من والديه الكريمين، أمد الله في حياتهما وحفظهما، واللذان لم يألوا جهداً ووقتاً في نبل التربية وحكيم التوجيه. وكان للتعليم وللتعامل مع الآخرين والولاء لولاة الأمر وللوطن أهمية كبيرة زرعاها في أولادهم جميعاً ضمن الكثير المتعدد من القيم والمبادئ الكريمة.
كانت معرفتي بالدكتور خالد منذ كنا طلاباً في قسم العمارة بكلية الهندسة بجامعة الملك سعود، وتزاملنا كمعيدين في الجامعة لفترة قصيرة. وبعد عودتنا للتدريس في الجامعة تشاركت وإياه مكتبنا في كلية العمارة والتخطيط، رغبة منا وتفضيلاً للبقاء قريبين من بعض وأكملنا فيه ما يقارب الخمس سنوات. بعدها أخذتنا دروب العمل خارج الجامعة فانتقلت بعدها لعملي خارج الجامعة وبعدها بفترة انتقل هو للبحرين للعمل رئيساً لجامعة الخليج وأصبح تلاقينا في الإجازات وأي فرص أو مناسبات تسنح واستمر تواصلنا وظلت علاقتنا لم تنقطع.
كلماتي في أخي الدكتور خالد أشعر حيالها بالعجز عن التعبير لما له من مكانة ومحبة كبيرة في نفسي ويغمرني الشعور بالتقصير عن التعبير الذي يعكس صدق مشاعري وعاطفتي ومحبتي له فقد جمعتني به الحياة في الدراسة وفي العمل وفي السفر وفي التعامل مع الآخرين، كان فيها نعم الأخ والصديق المحب المخلص والمعطاء بفكره وجهده. كان جدياً في دراسته وتعليمه واستمر بتلك الجدية والمثابرة وأصبح بكل اقتدارٍ أكاديمياً متميزاً خريج جامعات الملك سعود وهارفارد وبيركلي، وتميز بمصداقيةٍ أكاديميةٍ متفردةٍ يكسوها بأدبه وحسن خلقه، وإن صح التعبير بدبلوماسيته الماهرة متأثراً بالتأكيد بوالده الدبلوماسي عملاً وممارسة حياة، الشيخ الفاضل السفير عبدالرحمن العوهلي.
كانت معايير الدكتور خالد للعمل وللتعامل مع الآخرين ذات جودةٍ عاليةٍ جدا، يبذل فيها جهوداً كبيرة ليتأكد من تحقيقها، ولا يقبل إلا بالأفضل وبما يقارع به ويجعله في مصافِ الأفضل دائماً. كان يساهم ويفرح بأي إنجازٍ أو تميزٍ علميٍ وتعليميٍّ من الغير. وكان الدكتور خالد كأستاذ في الجامعة ورغم جديته وحزمه مع طلابه ورغبته في إيصال العلم النافع لهم وما يستجد من نظريات وأفكار وتجارب، دائماً ما يكون مبتسماً لهم ومساعداً ومقدراً لهم ولظروفهم. وقد ترك أثره الإيجابي معهم حتى الآن ولا زالوا يذكرون فيه تلك الصفات التي تعامل بها معهم موازناً بين دوره كأستاذٍ لهم وأخٍ كبير وصديقٍ في نفس الوقت. وهكذا كان تعامله مع زملائه الأساتذة والإداريين سواء عندما كان أستاذاً في الكلية أو وكيلاً لها؛ فدماثة الخلق ورحابة الصدر والابتسامة الصادقة كانت دائماً حاضرة في جميع تعاملاته ولم تحل بينه وبين جديته في العمل ورغبته الملحة في التطوير وطرح الجديد من الأفكار النيرة والمطورة للكلية ولطلابها وأساتذتها.
لم يكن الدكتور خالد العوهلي ممن يستكين للوضع القائم ويقبل بالدفة أينما توجهت، بل كان دائم التساؤل في كيفية الارتقاء بالوضع الراهن والبحث عن السبل الممكنة للتطوير للأفضل. كان يؤمن بأن التطوير ممكن وبأن التغيير للأفضل حالة مستمرة لا يمكن أن تقف عند حد. ولهذا كان دائماً مشغولاً بالأفكار الحديثة ولذلك ترك أثره في كل محطات حياته وعمله سواء في جامعة الملك سعود أو جامعة الخليج العربي أو المحطات الإدارية والاستشارية الكثيرة بينهما. ويعرفه من حوله بتميزه في حبه وإخلاصه لعمله وأنه ممن إذا عمل عملاً أتقنه باذلاً في ذلك كل ما يستطيع من جهدٍ ووقت.
حباه الله بالأناقة مظهراً ومخبراً، والتي كانت دائماً تعكس أناقة تعامله وأناقة اختيار كلماته مع الجميع. فاستطاع بها أن يترك أثراً في جميع من تعامل معه في البحرين سواء في مجتمع الجامعة أساتذة وطلاباً وإداريين من مختلف المشارب والفئات أو في خارج الجامعة فعرف بسمعة طيبة ناصعة البياض. وعرف قائداً إدارياً طموحاً محباً ومخلصاً لدينه ووطنه، ممثلاً لنفسه وأسرته وبلاده خير تمثيل، وكان عند ثقة ولاة الأمر فيه. كخير سفيرٍ عكس فكرة إيجابية جميلة عن كل ما هو سعودي بخلقه الرفيع ورقي تعامله مع الجميع وبرصانته وعلمه وروحه الطيبة، وذلك بشهادة كل من عرفه وتعامل معه.
أعزي نفسي ووالديه وأهله وذويه ومحبيه وأدعو الله أن يتقبله في جنات النعيم وأن يجزيه الخير عن كل عملٍ طيبٍ وإنجاٍز إيجابيٍّ في مسيرة حياته الحافلة بالإنجازات، وأسأل الله أن يجبر والديه وأهله ومحبيه، ويبارك في ذريته.
رحم الله أخي وصديقي الغالي الدكتور خالد العوهلي وغفر له وأسكنه فسيح جناته، و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.