مرام فهد المشاري
متشابهون رغم اختلافنا، نعم نحن البشر متشابهون في كوننا نختلف عن البقية، وهذة القاعدة التي لابد أن نفهمها، من المربك أن تؤمن بمقولة خاطئة وهي أننا متشابهون في ذواتنا, لكننا لسنا قادرين على انتهاج سُبل سلسة تساعدنا على تبادل الأفكار والمشاعر بشكل لائق ومفهوم، بعيداً عن الاصطدام المشحون بالغضب أو سوء الظن، نحن قادرون على اكتساب مرونة فكرية تمكننا من التكيف مع بعضنا البعض، ما قيمة الحياة إن تنافسنا على تكذيب أو تصديق بعضنا, ذاك تنافس لا تنهيه نتيجة ولا يطال منه طائل، بل هي حرب دخانية لا تكاد تُرى بوضوح لكنها تضيّق الصدر وتكتم الفؤاد، عكف الكاتب بعد أن لاح له مالاح في السطور السابقة على دراسة السلوك الإنساني لسنوات ليمنح لنا عصارة علمه في كتاب (محاط بالحمقى)، على لسان حال معظم الأشخاص الذين يحاولون تصنيف البشر وفق الذكاء لمن يتفق معهم والحمق لمن يعارضهم، ليبين الفروق في الصفات والسلوك بين أربعة أنماط، أولها الأحمر المتمثل بعنصر النار ذاك القائد المهيمن الذي يسحق كل مافي طريقة، وثانيها الأصفر المتمثل بالشمس متفائل ومعبر يهوى العيش وسط أقرانه، وثالثها الأخضر المتمثل بالنبات الذي يكسو الأرض ويدعمها، هو الودود الخلاق الداعم الذي يسعى لخلق الوفاق بين الجميع، وآخرها الأزرق التحليلي المتمثل بالماء البارد والعميق ما أن تخوض أغواره حتى يصعب أن تنفك من أسئلته المعقدة وتفاصيله الشائكة، ورغم ذلك الاختلاف فلكل واحد منا قيمته وأهميته في دوائر الحياة أو حتى دوائر العلاقات، ذاك التصنيف ليس وليد العلم الحديث بل حتى الإغريق قاموا سلفاً بتصنيف البشر لأربعة طبائع شخصية، تصنيف يتناسب مع فهم الأنماط البشرية في ذلك الوقت، مما يشير إلى أن الانسان منذ الأزل أدرك يقيناً أن الاختلاف موجود، وأن فهمه ضرورة، فالشخص العاقل والمدرك لأهمية معاملة الناس وفق اختلافاتهم هو في الحقيقة شخص ناجح، يعرف تماماً كيف يفكر الآخرون، يعرف طبيعة سماتهم الشخصية، يعرف كيف يتجنب خسارتهم، وكيف حتى طريقة كسبهم، وهو أول المستفيدين من تلك المنهجية التي تحقق له راحة البال قبل أي شيء آخر، أنماطنا المختلفة تشبه الفصول الأربعة، لكل فصل قيمته وأهميته وطقسه، لكل فصل فريقه، لكل فصل منافعه وأضراره، لكل فصل قيمته التي تختلف عن قيمة الآخر، ليس من الجيد أن نعيش الحياة أبدية في فصل واحد, وليس من الجيد أيضاً أن نكون نسخاً متشابهة في طبيعنا، وهنا تكمن حكمة الخالق في اختلاف صفاتنا وسماتنا، لكل منّا دوره في الحياة ومكانه المناسب.