الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
تؤكد الدراسات العلمية أن الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي كانت واحدة من الأسباب الرئيسية التي أسهمت في اغتيال العاطفة بين الزوجين، وأوجدت الكثير من المشكلات والخلافات في العلاقات الأسرية.
«الجزيرة» التقت عدداً من المختصين في العلوم الشرعية والاجتماعية والنفسية، لمعرفة السبل الكفيلة للحد من تلك المسببات التي تنخر في جسد الأسرة، وتؤدي إلى التوتر، وربما الطلاق بين الزوجين؛ فماذا قالوا؟
غرس القيم
يؤكد الدكتور محمد بن حجر الظافري قاضي الاستئناف أن تفكك الأسر في العصر الحاضر قد بلغ مبلغاً خطيراً وأصبح يجلس الأبناء مع آبائهم وكل منهم في عالم آخر.
يجلسون في المجلس وهذا يتكتك، وذاك في لعبة أخرى والآخر يضحك في غرابة وإعجاب والأب أو الأم أو كلاهما ينظر إلى أولاده يريد حديثاً مع أحدهما وكل منهم بجواله مشغول إما مع قناة فضائية أو مع لعبة أو متصلاً بآخرين وترى الزوج وزوجته في غرفة نومهما وكل منهما يضحك ويعبس مع جواله هذا علاوة على ما يتم عرضه عبر الفضائيات فأصبح العالم مفتوحاً في الفضائيات والجوالات على حدٍّ سواء؛ فالمجون والخلاعة والدجل والشعوذة والإباحية في ذلك العالم المفتوح، بل رأينا التأثر بتلك الحاضرات المأفونة فحصل انفصام في الأسر وأصبحت تلك القنوات الفضائية المفتوحة مع ما في الجوالات الذكية من قنوات وبرامج تمثل تهديداً خطيراً للأجيال.
لقد وضعنا أمام تلك المواد الهائلة من الفضائيات في خطر على ثقافتنا وديننا وأخلاقنا إنها مع المخدرات تضع كل أب وكل مصلح يشعر بهذا الخطر المحدق بنا بل إن كلمة حرام وحلال لم تعد تجدي شيئاً, فالنشء يعتبر العرض للشيء إباحة له وقد سهل الوصول بواسطة الجوالات الذكية للتعرف على كل محذور وليس أمام الآباء والأمهات والمصلحين وولاة الأمر إلا غرس مبادئ الإسلام ومحاسنه في النشء وبيان الخير والشر وغرس الأخلاق الإسلامية في النشء حتى هم بأنفسهم يعرفون الحق والباطل ويجتنبون الباطل ويتبعون الحق, لأن المملكة العربية السعودية جزء من العالم تتأثر بما يتأثر به العالم سلباً وإيجاباً ولا تستطيع أن تعيش معزولة عن العالم فالحل إذن غرس القيم والمبادئ والأخلاق الإسلامية في النشء وتحصينهم بذلك حتى بأنفسهم يعرفون الحق من الباطل فإذا عرفتهم على ذلك برأت الذمة {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء}، {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ} فإذا بين المعلمين والمربين والمصلحين للنشء الحق فقد أدوا الذي عليهم، ونسأل الله أن يحفظ بلادنا من كل سوء وأن يوفق خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده إلى ما فيه خير العباد والبلاد والله المستعان.
قواعد التنشئة
وتقول الدكتورة أميرة بنت سحيلي المطيري عضو هيئة تدريس بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل: يعلم الجميع أن اهتمامات الرجل تختلف عن اهتمامات المرأة خصوصاً فيما يتعلق بما يشاهده الرجل والمرأة في الفضائيات أو وسائل التواصل الاجتماعي، حيث نجد أن الرجل يهتم بمتابعة الأخبار والمباريات وجديد الأجهزة والسيارات والعقار في حين أن المرأة تهتم بالأمور التي تفيد الأسرة من أكل وملبس وترفيه، وقد تنشأ بين الزوجين خلافات نتيجة إنشغالهما عن بعضهم البعض وذلك غالباً بسبب الجلوس الطويل على هذه التقنية.
وللحد من الخلافات الأسرية الناتجة عن اقتحام وسائل التواصل الاجتماعي خصوصاً بين الزوجين هو وضع وقت للحوار في مناقشة ما يحدث أو في ما يتم مشاهدته في وسائل التواصل من أحداث وتبادل وجهات النظر بين الزوجين وتقبل رأي كلٍّ من الطرفين لبعضهما وربطها بواقع حياتهما لو كانوا مكان هؤلاء كيف يكون تصرفهم واتخاذهم لقرار التخطي في حال حدوث مشكله لهم. هذا بالإضافة إلى أن الأسرة تواجه مشكلة تنشئة الأبناء وإرساء قواعد التنشئة السليمة التي تتوافق مع تعاليم الشريعة الإسلامية ومع العادات والتقاليد الخاصة في البلد كذلك مراعاة الذوق العام. فالأسرة تواجه خطر التقنية حيث قد لا يستطيع الوالدان المراقبة والمتابعة لما يشاهده أبناؤهم نتيجة ارتباطهم بأعمالهم، لذا لابد من الاتفاق على مناقشة كيف كان يقضي الأبناء يومهم وما هو جديدهم، وهل كان يومهم مختلفاً عن بقية الأيام، وفتح باب النقاش وتقبل رأي كل طرف للآخر فما يريده الأبناء قد لا يوفق عليه الآباء وذلك نتيجة الفرق بين قناعات الجيلين.
الانبهار الزائف
ويشير الدكتور عزت عبدالعظيم استشاري الطب النفسي بمستشفيات الحمادي بالرياض أنه ليس فقط الفضائيات، وكذلك ما يسمى السماء المفتوحة والعولمة والإنترنت ووسائل الاتصالات الحديثة كل هذه الأمور أحدثت خللاً في العلاقات الزوجية وأوجدت أبواباً ومجالات للمفسدة الزوجية والعلاقات الأسرية المستقرة مما يعرض في الفضائيات من انحلال أخلاقي واستعراض لموديلات الإعلانات وفنانات الطرب والأغاني الهابطة والأفلام والمسلسلات، والطامة الكبرى القنوات الإباحية التي تعرض الغانيات والفاتنات الساقطات والمومسات الماجنات، وما قد يشاهده بعض الشباب غير الملتزم دينياً وأخلاقياً، وبالتالي وضع مقارنات ظالمة بين تلك الفئة من النساء وبين زوجته، وتوهمه الكاذب بجمال وسحر أولئك الفتيات اللاتي يستعملن الماكياج وأصناف الزينة والتبرج، وبالتالي قد توجد النفور والابتعاد العاطفي لدى الأزواج نتيجة للانبهار الزائف بهن رغم أنهن في الحقيقة أقبح وأعفن مما نراه أمامنا على الشاشة وكلهن عيوب بالتأكيد على كافة المحاور، وكذلك الإنترنت ووسائل الاتصالات والمعاكسات وعمل العلاقات العاطفية من خلال النت والتليفونات، وبالتالي تخريب العلاقات الزوجية المستقرة أو حتى إن كانت بها بعض القصور فهذه الوسائل تفتح مجال الشيطان ودخول أي طرف آخر ليستغل بعض نقاط الضعف وعمل العلاقات العاطفية المشبوهة.