ليلى أمين السيف
ذات مرة ردَّ عليَّ أحد المحامين ذائعي الصيت بشأن استشارتي له في موضوع يخص والدي وكيف أن معظم من يحيط بنا يتهم والدي ولا يعفيه من المسؤولية، بل وصل بهم الأمر أنهم يتهمونه أنه ضليع بالأمر..
فقال لي رداً بليغاً.. قال إن الإنسان فُطر على الخير ووالدك افترض حسن النية فيما صنع ولم يدر بخلده أن هناك خديعة وأذية في قلوب البشر بهذا الشكل..
حب الخير فطرة ومساعدة الغير واجب وليس فضلاً يستوجب الشكر أو الرد.. ورغم وصمي بالغباء الاجتماعي وأنني لم أتعلم في حياتي مما حدث لي، ورغم أن بعضاً مما حدث لي من إساءات قد أثر عليَّ وترك وقتها ندوبًا في قلبي، لأن الكثير ممن وقفتُ معهم في شدتهم كانوا هم -للأسف الشديد- من صنعوا شدائد أرهقتني فيما مضى وكأنهم فهموا أن رد الجميل بالعكس..
كنت أحسن لهم باليمين فيردونها بالإساءة بالشمال..
مع الأيام عرفتهم وبالتجارب بدأت أتجنب أمثالهم لا امتناعًا عن صنع المعروف ولكن ابتعادًا عن الأذى، ورغم أن أذاهم صنعني إلا أنه أربكهم. بل إن بعضهم سألني ذات يوم وبكل صفاقة: كيف نجوتِ؟ لقد تغيرتِ تمامًا!! كان الفضل لهم بعد الله. تلك الكوارث شكَّلت شخصيتي للأفضل، فكأنهم أعطوني تطعيمًا أبديًا ضد الكوارث النفسية والأمراض القلبية واضطرابات السلوكيات العقلية. فالحمد لله أن هداني لتغيير أفكاري وليس مفاهيمي فبقيت كما أنا.. ولله الحمد.. نضجت نضجاً لم أكن أصل له لولاهم، بل إنني أشعر أن مخي قد نما له عضلات، وأن عضلات قلبي بدأت تضخ دماً نقياً صافياً.. وفي النهاية سنعيش كما هو مفترض لنا أن نعيش.. أيقونة حب نزرع في حنايا صدور العالمين خيرًا خالصًا لوجه الله..