د. خالد بن فهد الغنيم
فلسفة الوصاية هي مفهوم سياسي وفلسفي يُشير إلى فكرة أنه يجب على الأفراد أو الجماعات أن يتم وصايتها أو إشرافها من قِبَل سلطة خارجية تتحكم فيها وتُحدد سلوكياتها وقراراتها. يُعزى أصل فلسفة الوصاية إلى الفلسفة القديمة اليونانية، خاصة الفكرة المطروحة من قِبَل الفيلسوف اليوناني بلاتون في سلسلة حوارات «الجمهورية».
في الجمهورية، يصف بلاتون فكرة الوصاية كشكل من أشكال الحكم التي تقع في يد الحاكم الفلسفي العقلاني. يتم وضع هذا الحاكم العقلاني في موقع مُراقَب تمليه رؤية مثالية للمجتمع ومحققاً للمصلحة العامة ويعد هذا النوع من الحكم أفضل نوع من الحكم.
على الرغم من أن فلسفة الوصاية أنشئت في الفلسفة اليونانية القديمة، إلا أن آراء واستخدامات الوصاية تختلف في التاريخ والثقافات المختلفة. قد تكون هذه الفلسفة مرتبطة بفكرة حكم النخبة الحاكمة، والوصايا هي إحدى الأدوات التي تستخدمها الحكومات من أجل تحقيق المصلحة العامة وتُستَخدَم لتحقيق التنمية وحفظ النظام والاستقرار.
لذلك، يجب علينا أخذ القدرة على تطبيق فلسفة الوصاية والأطروحات المرتبطة بها بمزيد من القبول والتوازن لضمان عدم الانتهاكات واحترام حقوق الأفراد والحريات الأساسية. وفلسفة المصلحة العامة هي مفهوم يشير إلى الاهتمام بالمصلحة العامة والنفع العام للمجتمع ككل. وتعتبر مبدأً قوياً في تشكيل وتوجيه القرارات السياسية والاجتماعية.
وتتمثل فلسفة المصلحة العامة في تعزيز المصالح الجماعية والعامة على حساب المصالح الفردية. وهي تتطلب استخدام القوة الحكومية والتشريعات والسياسات العامة لتحقيق النتائج التي تعود بالفائدة على جميع أفراد المجتمع. يُعتبر هذا المفهوم أساساً في بناء وتقوية المجتمعات والدول.
يختلف تفسير مفهوم المصلحة العامة من ثقافة لأخرى ومن نظام سياسي لآخر، مما يجعلها مفهوماً نسبياً ومتغيراً. وبالتالي، فإن تعريف المصلحة العامة وطرق تحقيقها يعتمدان على القيم والأهداف المشتركة للمجتمع المعني بالأمر.
توجد بعض الحالات التي تعتبر فيها الوصاية واجبة لتحقيق المصلحة العامة. وفيما يلي بعض الأمثلة على هذه الحالات:
1- في حالة الأطفال والشباب: تُعتبر الوصاية ضرورية لحماية حقوق الأطفال والشباب وضمان توفير الرعاية والتعليم والبيئة الملائمة لتنميتهم ورعايتهم. يشمل ذلك تحديد المعايير والسياسات اللازمة للحد من التجاوزات والأذى على الأطفال والشباب وضمان سلامتهم وتطورهم الصحيح.
2- في حالة الأشخاص ذوي الإعاقة: يمكن أن تكون الوصاية ضرورية لحماية الحقوق وتوفير الفرص العادلة والمساواة للأشخاص ذوي الإعاقة. يعتبر التدخل الحكومي ووضع السياسات والقوانين ذات الصلة واجباً لتعزيز التضامن المجتمعي وتمكين هذه الفئة من المشاركة الكاملة في المجتمع.
3- في حالة البيئة: قد تكون هناك حاجة للوصاية لحماية البيئة وضمان استدامتها. فالحفاظ على البيئة النقية والموارد الطبيعية يعود بالفائدة على الجميع، وبالتالي يتطلب تنظيمات وسياسات بيئية قوية للحفاظ على البيئة ومنع التلوث واستغلال الموارد الطبيعية بشكل مستدام.
4- الحد من الفساد: تهدف إلى مكافحة الاستغلال غير القانوني للسلطة والفساد المالي في المؤسسات الحكومية والقطاع العام بشكل عام. تعتبر مكافحة الفساد أمراً هاماً للعديد من الدول، لأنه يؤثر سلباً على الاقتصاد والتنمية الاجتماعية ويزعزع النظام والثقة العامة في الحكومة.
مع ذلك، يرى خونة الأوطان أن الوصايا هي أداة للتعدي على حقوق الأفراد وعدم احترام الحقوق الأساسية والحريات الفردية. فخونة الوطن قد يكون لديهم انتماءات فكرية وسياسية وثقافية تتعارض مع المفاهيم الوطنية والدينية. قد يتم تشكيل هذه الانتماءات من قبل الأفراد الذين يستفيدون من مصالح شخصية أو جماعية تتعارض مع مصلحة وطنهم.
ما يميز هؤلاء الأشخاص هو تفضيلهم للمصالح الشخصية أو الفكرية أو الأيديولوجية على حساب المصلحة العامة. يستخدمون انتماءاتهم الفكرية والسياسية والثقافية كوسيلة لتحقيق أهدافهم الخاصة أو تعزيز قضايا يرونها مهمة لهم بغض النظر عن تداعيات ذلك على سلامة واستقرار الوطن.
تعارض هذه الانتماءات مع مفاهيم الانتماء والوطنية والدينية يكمن في عدم احترامهم للقيم والمبادئ التي تمثلها تلك المفاهيم. فالانتماء والوطنية يتطلبان الولاء والتفاني لمصلحة الوطن، في حين يعمل خونة الوطن على مصالحهم الشخصية أو الجماعية غالباً على حساب مصلحة البلاد والشعب.
مثلاً، قد يكون لدى خونة الوطن انتماءات سياسية تركز على تحقيق أجندات سياسية خاصة أو انتماءات فكرية تروج لأفكار تنافي القيم والمبادئ الوطنية. هؤلاء الأشخاص قد يقومون بنشر الشائعات والانحيازات السياسية التي تقوّض وحدة وتماسك الوطن، أو قد يدعمون أيديولوجيات تنتهك حقوق الإنسان أو تروج للتفرقة والانقسام.
هؤلاء من يدعون حب الوطن ويقومون بأعمال خيانة وطنية أو يخونون مصلحة وطنهم. لديهم معايير أخلاقية تختلف باختلاف الأفراد والظروف، ولكن من الأمور الشائعة التي يتميز بها هؤلاء الأشخاص هي:
1- الغدر والخيانة: يتميزون بالتصرف بشكل غادر، حيث يقومون بخيانة الثقة الموضوعة فيهم والتآمر ضد وطنهم بشكل سري أو علني.
2- الانتهازية: يسعون لتحقيق مكاسب شخصية على حساب مصلحة الوطن، سواء كانت مادية أو سياسية أو غيرها.
3- الانحراف الأخلاقي: قد يتورطون في أعمال فساد أو انتهاك حقوق الإنسان أو تحريض العنف لتحقيق أهدافهم الشخصية.
بشكل عام، خونة الوطن لا يؤمنون بالثوابت التي تمثل قيم الوطن وهويته الوطنية. بدلاً من ذلك، يضعون مصالحهم الشخصية أو مصالح جماعاتهم فوق المصلحة العامة للوطن والمجتمع بأسره. مهمٌ بشكل كبير أن نمتلك الوعي الكافي ونعمل معاً لحماية وطننا والحفاظ على مبادئه الأخلاقية وقيمه الوطنية، وأيضاً على ضرورة تعزيز الوعي الوطني والتربية الأخلاقية لتجنب ظاهرة خونة الوطن وتعزيز أهمية المصلحة العامة.