محمد سليمان العنقري
منبع الخبرات هم كبار السن في أي مجتمع، وهو ما يجعل رعايتهم والاهتمام بهم أولوية، فهم ثروة مهمة جداً لتوازن المجتمع ولذلك حرصت حكومة المملكة على إعطائهم اهتماماً بالغاً بالرعاية، فقد تم إطلاق العديد من المبادرات لتحسين جودة الحياة ورفع مستوى الخدمات المقدمة لهم، وفي دور الرعاية التي تشرف عليها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية خاصة, حيث يعمل كبار السن على تقديم إسهامات عدة للمجتمع عن طريق العمل التطوعي ونقل الخبرات والمعرفة للأجيال الأخرى، وحرصاً من الوزارة على التعريف بالمساهمات التي يقدمونها يتم التفاعل مع الاحتفال عالمياً كل عام باليوم العالمي للمسنين الذي يصادف الأول من أكتوبر في كل عام.
فعدد المسنين وفق الإحصاءات الرسمية يزيد قليلاً عن المليون مسن، فهم يمثِّلون شريحة مهمة لما تمتلكه من خبرات وتجارب خدموا من خلالها الوطن في مسيرة التنمية الحافلة بالإنجازات وقد حرصت الدولة على العناية بهم ببرامج ومبادرات عديدة فحقوق المسن مصانة وفق الأنظمة والتشريعات الرسمية، حيث نصت على أن «تكفل الدولة حق المواطن وأسرته، في حالة الطوارئ، والمرض، والعجز، والشيخوخة، وتدعم نظام الضمان الاجتماعي، وتشجع المؤسسات والأفراد على الإسهام في الأعمال الخيرية»، كما أكدت الوزارة من باب توضيح حقوق المسن بأنه «لا يجوز لدور الرعاية إيواء كبار السن إلا بموافقتهم أو بحكم قضائي أو عند الخطورة»، فنظام حقوق كبير السن ورعايته نص «على أن لكبير السن حق العيش مع أسرته، وعليها إيواؤه ورعايته، وتكون المسؤولية في ذلك على أفراد الأسرة»، كما نص النظام «على أنه يحظر على العائل التصرف في مال كبير السن دون موافقته، كما يحظر على العائل الإخلال عمداً بحماية حقوق كبير السن المحتاج ورعايته، وشدد النظام كذلك على حظر إساءة التصرف عمداً في مال كبير السن لمن أوكلت إليه سلطة التصرف»، بالإضافة للعديد من الأنظمة التي تحميهم وتراعي احتياجاتهم، فهم فئة قدمت الكثير طوال حياتها العملية أو عندما كانوا في سن القدرة على العطاء ولذلك فإن الاحترام والامتنان والرعاية وحفظ حقوقهم حق لهم من خلال خدمتهم ورعايتهم وتقديم التسهيلات وتوفير كل الإمكانيات التي يحتاجونها
فمن المبادرات التي تقدّم لهم من قبل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية «الرعاية الصحية المنزلية للمسنين» وهي خدمة تُقدم برنامج رعاية للمسن داخل أسرته التي يقيم فيها لإرشادها إلى كيفية التعامل مع المسن صحياً ونفسياً والعلاج الطبيعي من خلال فريق متخصص من دور الرعاية التي يبلغ عددها 12 داراً بالمملكة، حيث يزور المسن طالب الخدمة بالإضافة إلى تقديم المساعدات المالية والعينية للمحتاجين من المسنين وأسرهم عبر وكالة الضمان الاجتماعي، وكذلك تُصرف لهم أي احتياجات من أجهزة تعويضية وكراسي متحركة وغيرها مما يحتاجونها، وهناك العديد من المبادرات كإنشاء خمس واحات للمسنين تتوافق مع احتياجاتهم. وأما عن ما تقدمه دور الرعاية فهي منذ لحظة استقبال المسن لديها سياسة تنظيمية هدفها راحته، حيث يُصرف له كافة مستلزماته بالإضافة لبرنامج تعريفي بالدار وخدماتها وحل أي إشكاليات لديه كما تقدم الدار الرعاية الطبية الكاملة لكل مقيم فيها من فحوصات وتوفير العلاجات اللازمة وكافة الخدمات التي يحتاجها بالإضافة لتوفير الوجبات الغذائية مع مبلغ يصرف له إضافة لأي احتياجات أخرى، فدور الرعاية تقوم بعمل كبير في خدمة هذه الفئة ممن تجاوزوا سن الستين عاماً وتستثنى بعض الحالات دون هذه السن حسب دراسة الحالة وتقييمها وكل ذلك وفق شروط محددة وتتعامل الدار مع كل حالة حسب احتياجها سواء بإيوائها أو رعايتها مع توفير فرق تضم كافة التخصصات المطلوبة لتقديم أفضل خدمات الرعاية الصحية لهم ومتابعتها، كما تصدر الوزارة بطاقة امتياز رقمية لكبار السن، حيث تُسهل لحاملها الحصول على الأولوية في تقديم الخدمات، واستحقاق خصم على الخدمات العامة التي تقدمها الجهات الحكومية والخاصة ولم يغب عن الوزارة أهمية دور المجتمع في رعاية كبار السن فقد رخصت لجمعيات أهلية لتقديم خامات لهم حتى يكون التفاعل المجتمعي والخدمات المقدمة بأفضل الإمكانيات وتعميق التكافل والتكاتف الاجتماعي ومنح الفرصة لكل فرد يرغب بدور في خدمة كبار السن.
قدمت الدولة عبر الجهة المشرفة على شؤون كبار السن وهي وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية والجهات التي تتعاون معها العديد من الخدمات والمبادرات التي تعنى بأدق التفاصيل التي يحتاجونها، فهم فئة عزيزة على المجتمع وتعاليم الدين الإسلامي وكل ما وضع من أنظمة وتشريعات وكذلك ثقافة المجتمع جميعها أكدت واهتمت بكبار السن واحترامهم وخدمتهم، فالعالم بأسره يوليهم أهمية كبيرة ويتضح ذلك من خلال وثيقة المبادئ التي اعتمدتها الأمم المتحدة لكبار السن العام 1991م والتي أكدت على مبدأ الاستقلالية والذي يشمل حصولهم على كافة حقوقهم الضرورية بالحياة بالإضافة لمبدأ المشاركة الذي يعني حقهم بصياغة وتنفيذ السياسات التي تؤثِّر مباشرة في رفاههم، ودورهم بالمجتمع بالإضافة أيضاً لمبدأ الرعاية الأسرية والصحية وتمكينهم من حقوقهم وحرياتهم الأساسية عند إقامتهم في مأوى أو مرفق للرعاية أو للعلاج ومبدأ تحقيق الذات وهو يعني إتاحة إمكانية استفادتهم من موارد المجتمع التعليمية والثقافية وغيرها، وأخيراً مبدأ الكرامة الذي يكفل الاحترام لهم ومنع أي أذى قد يتعرضون له نفسياً أو جسدياً.