أ.د.عثمان بن صالح العامر
انتقل إلى دار البرزخ (القبر) مساء يوم الأحد الماضي 16/ 1/ 1445هـ الصديق العزيز رجل الأعمال الفذ (زياد بن علي الجميعة)، وما أن أعلن خبر وفاته رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته حتى انتشر هذا الخبر المحزن وشاع، و انهالت الرسائل معزية وداعية له بالرحمة والمغفرة والرضوان وفي ذات الوقت شاهدة على ما اتسم به رحمه الله من صفات، وما تميز به من سمات وخصائص، والناس كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (شهداء الله في الأرض). ويكفي شهادة فخر وعز ما قاله صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سعد بن عبد العزيز أمير منطقة حائل عن زياد الشهم والوفاء في مناسبة عامة والكل يسمع ويشاهد (أنا حقيقة سعدت في هذا التكريم للأخوان، وأنا أعتقد بك أنت نكرم جميعاً، ويعلم الله، يعلم الله وأنا أقولها أمام مشهد الجميع، رب أخ لك لم تلده أمك).
لقد عرفت أبا عبد العزيز رحمه الله منذ ما يزيد على الثلاثين عاماً، وجمعتني به مناسبات رسمية وشخصية كثيرة، دمث الخلق، راقي التعامل، مدرسة في الأدب والاحترام والتواضع، باراً بوالديه بشكل لما أرى مثله قط، أيقونة في حب الغير، يد بيضاء سخية لذوي الحاجات وأهل العوز والمسغبة سراً وعلانية، قريباً من الجميع، وعوناً على كل خير، حريصاً على الوصال مع محبيه حتى فترة وجعه التي أسأل الله عز وجل أن يكون ما أصابه طوال سنوات مرضه رفعاً لدرجاته في جنات النعيم.
لقد نشأ زياد رحمه الله وعاش وترعرع ودرس وتعلم في مدينة جدة، وما أن ناده الواجب الأبوي حتى ارتحل لحائل طاعة لأبيه وبراً به واستجابة لأمره، وظل سنوات طويلة ظلاً له في جميع تحركاته حين تواجده في المنطقة، وعندما يسافر عنها يخلفه فيها متنقلاً بين مزاراعها، مشاركاً في مناسباتها، واصلاً ومتصلاً بإنسانها أصالة عن نفسه ونيابة عن أبيه رحمهما الله.
ولا عجب أن يكون هذا السلوك المثالي من زياد، ولا غرابة في ذلك كله فقد تربى رحمه الله في بيت وعلى يد والده الشيخ علي الجميعة رحمه الله. الذي زرع فيه وفي أخويه وأحفاده حب الخير، وبذل الندى، والعطاء بسخاء، ولذا ظل الإخوة الثلاثة ومن خلفهم أولادهم محافظين على سيرة والدهم بعد رحيله، حريصين على السير على خطاه في سلوك طرائق الخير والحضور الاجتماعي المشهود، وإسداء المعروف لمن هو أهل له.
رحم الله الصديق العزيز زياد بن علي الجميعة وأسكنه فسيح جناته وجعل قبره روضة من رياض، ولياليه هذه أسعد ليالي العمر، ورزق أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان، وإنني في هذا المقام وأنا أعزي أخويه الصديقين (وليد ومحمد وأولاده بنين وبنات وأقاربه ونفسي من بعدهم أتمثّل قول الشاعر:
إني معزيكَ لا أنيِّ على ثقة ٍ
مِنَ الخُلودِ، وَلكنْ سُنَّة ُالدِّينِ
فما المُعَزِّي بباقٍ بعدَ صاحِبِهِ
ولا المُعَزَّى وإنْ عاشَا إلى حَينِ
وإلى لقاء بإذن الله، والسلام.