د.شريف بن محمد الأتربي
تظل العودة لمقاعد الدراسة هي الشغل الشاغل للمجتمع ككل سواء للمجتمع التعليمي، أو الأسرة، أو المشتغلين في الأسواق الداعمة للتعليم، وحتى المواطن العادي يتأثر بهذه العودة ويظل يفكر فيها ويحسب لها ألف حساب، فعودة الطلبة إلى مقاعد الدراسة تعني له آلافاً مؤلفة من السيارات والأفراد الذين يتحركون في الطرقات خلال ساعات قليلة من النهار مما يستدعي له أن ينظم وقته حتى يتمكن من الوصول لمحل عمله كما كان معتادا خلال عطلة نهاية العام الدراسي الفائت.
لا أعتقد أن مشكلة المرور، أو الازدحام المروري تمثل مؤثرًا ذي ثقل في عملية العودة الآمنة للمقاعد الدراسية بقدر ما تمثل العودة نفسها من أهمية، فعودة الطلبة لمقاعد الدراسة حتى لو بعد إجازة نهاية الأسبوع المطولة كما كان في العام الدراسي تمثل للقائمين على العملية التعليمية عبئاً نفسياً كبيراً، فأي غياب للطالب عن التواصل المباشر مع معلمه، ومعلوماته، وكتبه، وأوراقه، حتى مع طاولته التي يجلس عليها؛ تحتاج إلى إعادة تهيئة ربما تستغرق وقتاً طويلاً، ولكنها تتفاوت حسب استعداد الطالب نفسه، وحسب قدرة المسؤولين أنفسهم على تهيئة هذه البيئة بما يساعد الطلبة على تجاوز هذه المرحلة وسرعة الانخراط في العملية التعليمية.
يرى كثير من الخبراء أن تهيئة الطلبة للعودة لمقاعد الدراسة تتقاسم أهميتها المؤسسة التعليمية والأسرة كل فيما يخصه، فالمؤسسة التعليمية يجب أن تهيء بيئة مدرسية وبيئة صفية جاذبة تساعد الطلبة على التناغم مع ما يقدم لهم من معرفة ومهارات، كما يجب أن يشعر جميع الطلبة انهم متساوون في الحقوق والواجبات وأنه لا تفضيل لأحد على الآخر لأي سبب كان مادياً أو علمياً، وربما يقع الدور الأكبر داخل المؤسسة التعليمية على المعلم أولاً، والمرشد الطلابي ثانيًا، فالمعلم هو المعني بتلقي انطباعات طلابه على تواجدهم داخل الفصول الدراسية وداخل المدرسة، سواء كانت هذه الانطباعات إيجابية فتعزز أو سلبية فتدرس. أما المرشد الطلابي فهو الشخص المناط به تقصي المشكلات والعمل على معرفة أسبابها الحقيقية وتوفير حلول تمكن الطالب من استكمال رحلته التعليمية بكل أريحية ونجاح.
أما عن دور الأسرة فهي الداعم الأول للعملية التعليمية والمساعد الأساسي للهيئة التعليمية لتحقيق النجاح المنشود لأبنائها، فبدون التعاون الوثيق بين الأسرة والمدرسة لن تتحقق أية أهداف مرجوة سواء كانت أهداف التعليم، أو أهداف الأسرة لأبنائها، وحتى أهداف الطالب نفسه لن تتحقق، لذا فيجب على كل منهم التنسيق والعمل معًا كفريق واحد وليس كندين متخاصمين، وذلك حتى لا يضع الطالب أسباب تعثره على أي منهم.
إن العودة الآمنة للطلبة لمقاعد الدراسة هي أولاً وأخيرًا مسؤولية الدولة، بدءًا من تنظيم حركة المرور، وحتى مكافحة الجريمة سواء ترويج الممنوعات أو ضبط العناصر الإجرامية التي تستقطب الشباب نحو المضاربات وتحديات سباقات السيارات والتفحيط وما يجلبه من دمار. إن وضع المسؤولية لهذه العودة على عاتق فريق واحد لن يؤدي إلى النجاح أبدًا فلابد للجميع من التكاتف للوصول إلى الغايات والاستفادة من كل الممكنات الموجودة والتي توفرها الدولة للوصول للمستهدفات في رؤية 2030.
عامًا سعيدًا بإذن الله.